قوله تعالى:{وهو الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء ليبلوكم أيكم أحسن عملا ولئن قلت إنكم مبعوثون من بعد الموت ليقولن الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين 7 ولئن أخرنا عنهم العذاب إلى أمة معدودة ليقولن ما يحبسه ألا يوم يأتيهم ليس مصروفا عنهم وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون} .
خلق الله السموات والأرض في ستة أيام{وكان عرشه على الماء} أي فوقه ،وذلك يدل على أن العرش والماء كانا مخلوقين قبل خلق السموات والأرض .وما ينبغي أن نمضي في الحديث عن هذه المسألة أكثر من ذلك ،فإن الوقوف على حقيقة هذه الأحداث الكونية المذهلة وكيفية خلق السموات والأرض في ستة أيام وتصوره عرش الله فوق الماء ،إنما يعلمه الله حق العلم .وما ينبغي للإنسان ذي الإدراك المحدود إلا أن يقف عند ظاهر النص الحكيم مصدقا مستيقنا ،ممسكا عن البحث في الكيفية أو الخوض فيما لا طاقة له به .
قوله:{ليبلوكم أيكم أحسن عملا}{ليبلوكم} من البلاء والابتلاء ؛أي الاختبار .والمعنى: أن الله خلق ذلك كله ليختبركم بالاستدلال على كمال قدرته ،وأنه هو صانع المقتدر الحكيم ،أو ليختبركم أيكم أعمل بطاعة الله وأبعد عن محارمه .
قوله:{ولئن قلت إنكم مبعوثين من بعد الموت ليقولن الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين} لئن بينت لهؤلاء المشركين الضالين أنهم مبعوثين من قبورهم يوم القيامة ،وأنهم موقوفون على ربهم ليلاقوا الحساب والجزاء ؛فلسوف يكذبونك ويجحدون ما جئتهم به من خبر البعث ويقولون منكرين مستكبرين:{إن هذا إلا سحر مبين}{إن} ،نافيه بمعنى ما ،والإشارة إلى القرآن الكريم ؛فهو الحاكم بحصول البعث ،فطعنوا فيه بكونه سحرا ليدحضوا القول بالبعث .
وقيل: المراد بالإشارة الرسول صلى الله عليه وسلم ؛فقد تقولوا عليه بأنه ساحر وليس الساحر إلا كاذبا ؛فهم بذلك يقصدون تكذيب الرسول صلى الله عليه وسلم .