قوله تعالى:{والَّذِينَ صَبَرُواْ ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِمْ} هذه صفة رابعة للمؤمنين الصادقين ؛وهي صبرهم على فعل الطاعات ،وهن المحارم والمآثم والمعاصي .المؤمنون الصادقون ملتزمون بفعل الصالحات وممسكون عن المحرمات والمحظورات والمناهي ،كل ذلك{ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِمْ}{ابتغاء} ،مفعول له منصوب .أي طلبا لمرضاة الله وجزل ثوابه .
قوله:{وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ} هذه صفة خامسة للمؤمنين ؛إذ يقيمون الصلاة خاشعين مخبتين .
قوله:{وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً} هذه صفة سادسة للمؤمنين ؛إذ ينفقون أموالهم في وجوه البر والطاعة مما هو مفروض ومندوب/ كبذل المال زكاة في وجوهها المعروف ؛أو إنفاقه على أولي القربى على سبيل الوجوب ،أو ما كان غير ذلك من الإنفاق المندوب في وجوه الخير ؛كإعطاء المعوزين والمحاويج والجيران وغريهم .سواء كان ذلك في السر خفية ؛أو الظاهر المنظور علانية .
قوله:{وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ}{يدرؤون} ،يعني يدفعون{[2346]} ،وهذه صفة سابعة للمؤمنين ؛فهم يدفعون السيئة على اختلاف معانيها وصورها ،بالحسنة على تعدد ضروبها وأشكالها .لا جرم أن هذه خصيصة مثلى تتجلى في عباد الله المؤمنين الطائعين المخلصين ؛فهم إذا أساء إليهم الناس بمختلف وجوه الإساءة قابلوا ذلك بالحسنة .فقابلوا الشر بالخير ،والقبيح بالحسن ،والشح بالسخاء .وهم إذا ظلموا عفوا ،وإذا حرموا أعطوا ،وإذا قطعوا وصلوا من قطعهم .إن هذه شيم المؤمنين الطيبين الأخيار الذين يجزل الله لهم الثواب ،ويكتب لهم الرحمة والرضوان .
وقيل: إذا أذنبوا تابوا ؛وإذا عملوا السيئات بادروا فعل الخيرات والحسنات فيتجاوز الله لهم عما اقترفوه .
قوله:{أُوْلَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ} أي عاقبة الدنيا .والمراد بها الجنة التي أعدها الله جزاء لأولئك المؤمنين الذين اتصفوا بما بينته الآية من الصفات{[2347]} .