المفردات:
ابتغاء وجه ربهم: الابتغاء معناه: الطلب ،والمراد بالوجه: الذات .
ويدرءون: أي: يدفعون .
عقبى الدار: عاقبة دار الدنيا التي أعدت للصالحينوهي الجنة .
التفسير:
{والذين صبروا ابتغاء وجه ربهم وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية} .
تستمر هذه الآية مع ما سبقها في وصف أولي الألباب ؛فهم صابرون على البأساء ،راضون بالقضاء ،والصبر على المكاره جزاؤه عظيم ،وقد ذكر الصبر في القرآن في أكثر من سبعين موضعا ،وهو أنواع: منه: الصبر على الطاعات ،ومنه: الصبر عن المعاصي ،ومنه: الصبر على المصائب عند الصدمة الأولى ،فهم صابرون ابتغاء وجه الله ،أي: رغبة في ثوابه ،لا خوفا من شماتة الشامتين ،كما قال الشاعر:
وتجلدى للشامتين أريهم*** أني لريب الدهر لا أتضعضع
{وأقاموا الصلاة} .أي: أدوا الصلاة في أوقاتها محافظين على خشوعها وخضوعها .
{وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية} .
فهم ينفقون سرا حيث يكون السر أفضل ،مثل: صدقة التطوع ،ومثل: الصدقة على كرام الناس المتعففين تجملا ،ومن يزعجهم الصدقة عليهم في الملأ ؛وينفقون علنا في أداء الفريضة ،وعند التسابق ؛ليقتدي بهم غيرهم ،أي: أنهم حكماء في تصرفهم ،ينفقون في جميع الأحوال ،وحسب ما تقتضيه الحكمة .
{ويدرءون بالحسنة السيئة} .أي: يقابلون إساءة من أساء إليهم بالإحسان إليه ،إذا كان ذلك من الحكمة ؛كما قال عز شأنه:{ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم}( فصلت:34 ) .
وقد أباح الإسلام مقابلة السيئة بالسيئة ؛إذا كان المسئ لئيما لا يردعه إلا العقوبة ،أما إذا كان المسئ كريما فالصفح أنسب ،قال تعالى:{ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل}( الشورى:41 ) .
وذكر بعض المفسرين: أن الآية تشير إلى إتباع السيئة بالحسنة ،أو الاستغفار والتوبة ؛في أعقاب الذنب .
{أولئك لهم عقبى الدار} .أي: حسن الجزاء من العاقبة ،وهو دخول الجنة في الآخرة .
قال تعالى:{وتلك الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون} .
والجملة الكريمة خبر عن الذين يوفون بعهد الله ...وما عطف عليها .