قوله تعالى:{وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمُ الْمَثُلاَتُ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِّلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ 6 وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْلآ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ} السيئة يراد بها هنا نزول العذاب في الدنيا .كما قال الله عن مقالة المشركين:{فأمكر علينا حجارة من السماء أو آتنا بعذاب أليم} فقد طلب المشركون من الرسول صلى الله عليه وسلم إنزال العذاب عليهم .وذلك لشدة جحودهم وفرط عنادهم ؛فهم يستعجلون نزول العقاب{قَبْلَ الْحَسَنَةِ} أي الرخاء والعافية{وَقَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمُ الْمَثُلاَتُ}{المثلاث} تعني العقوبات .وعي جمع ومفرده المثلة بضم الثاء{[2317]} ؛أي يطلب المشركون إنزال العقاب والبلاء بهم وهم يعلمون ما حل بالأمم السابقة من وجوه البلاء .فمن أمة قبلت أرضها قلبا ،إلى أمة أتت عليها الرجفة فدمرتها تدميرا ،إلى أمة أتى عليها التغريق ،إلى أمة قد مسخت قردة وخنازير ،إلى غير ذلك من وجوه المثلاث أو العقوبات التي يصيب الله بها الظالمون والفاسقين عن دينه .
قوله:{وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِّلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ} الله غافر للذنوب والخطايا ،وهو سبحانه يستر على ذنوب التائبين ،فإن كانوا مشركين ثم آمنوا ؛تاب الله عليهم وغفر لهم ما اقترفوه من الشرك .وإن كانوا مؤمنين قد خالفوا او أساءوا ثم ثابوا وأنابوا إلى ربهم ؛فإن الله يتجاوز عن سيئاتهم وما فعلوه من المعاصي .لا حرم أن الله لذو فضل على الناس في عظيم رحمته التي وسعت كل شيء ،والتي بفيضها تمحي كل الخطيئات والسيئات وإن ملأت ما بين الخافقين{[2318]} والآفاق .{وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ} وذلك لمن هلك مشركا أو مصرا على المعاصي والخطايا فأدركه الموت وقد فاتته التوبة فما استغفر ولا أناب ؛فذلك صائر إلى عذاب الله ،وعذابه وجيع شديد .