{ويستعجلونك بالسيئة قبل الحسنة وقد خلت من قبلهم المثلات وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم وإن ربك لشديد العقاب6} .
المفردات:
السيئة: العقوبة .
الحسنة: العافية والسلامة .
المثلات: جمع مثلهبفتح الميم وضم الثاء .وهي العقوبة ،سميت بذلك ؛لأنها تماثل الذنب ،والمراد بالمثلات في الآية الكريمة عقوبات أمثالهم المكذبين قبلهم .
التفسير:
6{ويستعجلونك بالسيئة قبل الحسنة ...} .
أي: إن هؤلاء المشركين لظلمهم وعدوانهم وعنادهم ؛إذا توعدهم النبي بالعذاب إن لم يؤمنوا ؛قالوا له: أرنا هذا العذاب إن كنت صادقا ،وقد عبر عن هذا المعنى في قوله سبحانه:{وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم}( الأنفال:32 ) .
أي: أنهم بدل أن يطلبوا من الرسول: الدعاء لهم: بالأمان والخير ،والعافية والهداية والأمور الحسنة ،فإنهم يستعجلون الأمور السيئة ،ووقوع العذاب بهم تهكما وعنادا .
{وقد خلت من قبلهم المثلاث} .
أي: هلاك الأمم المكذبة ،الذين جعل الله هلاكهم سلفا ومثلا للآخرين ،فمنهم: أمة مسخت قردة ،وأخرى: خنازير ،وثالثة: أهلكت بالخطف ،ورابعة: أهلكت بالرجفة ،وخامسة: بالغرق ،حيث جعل الله العقوبة التي أنزلها بالمكذبين عظة وعبرة ومثلا واضحا لجزاء كل مكذب .
قال تعالى:{وضربنا لكم الأمثال} .
{وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم وإن ربك لشديد العقاب} .
أي: إن الله تعالى فتح بابه للتائبين ،وستر على المذنبين ،وقبل توبة التائبين ،ولم يعجل بعقوبة المذنبين ،قال تعالى:{ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة ..}( فاطر:45 ) .
وهو سبحانه شديد العقاب لمن مات مصرا على المعصية ،وبهذا نجد الآية الكريمة قد جمعت بين الرحمة والعذاب والرجاء والخوف ؛حتى يتكامل الموقف ،ويأخذ الإنسان بنصيبه في العمل والتوبة قبل أن ينزل به العذاب ،وفي هذا المعنى قال تعالى:{نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم* وأن عذابي هو العذاب الأليم}( الحجر:50 ، 49 ) .
قال ابن جرير الطبري:
وهذا الكلام وإن كان ظاهره ظاهر خير ،فإنه وعيد من الله ،وتهديد للمشركين من قوم رسول الله صلى الله عليه وسلم إن هم لم ينيبوا ويتوبوا من كفرهم ،قبل حلول نقمة الله بهمv .