{بِالسَّيِّئَةِ}: النقمة .
{الْحَسَنَةِ}: النعمة .
{الْمَثُلاتُ}: جمع مثلة ،وهي العقوبة مع وجود أثر يدل عليها كجدع الأنف ونحوه .
{وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ} ،وهو أسلوب الكفار في التحدّي الذي لا يسعى إلى مد جسور الحوار وإيجاد أرضيةٍ للتفاهم ،بل يسعى إلى تنفيس عقدة الغيظ التي تعتمل في داخلهم أمام حالة العجز التي يشعرون بها في مواجهة الطرح الفكري للرسالة والإيمان ،فيطلبون من النبيمن موقع التحديالإتيان بالعذاب ليدمر الكافرين ،إذا كان هناك عذابٌ من قِبَل الله ،بهدف إحراج النبيّ ،أو تدمير النفس ،وإنهاءً لحالة الحيرة التي يعيشونها بين إمكان تحقيق ذلك وعدم إمكانه .وهكذا يستعجلون السيئة وهي العقاب الذي يترتب على كفرهم وعنادهم ،قبل الحسنة التي هي ثواب الله الذي ينبغي للإنسان أن يتطلع إليه من خلال رحمة الله ،والسير على خط الإيمان والطاعة ،{وَقَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمُ الْمَثُلاتُ} ،وهي العقوبات التي تترك أثرها على الجسد ،التي كان ينزلها على الكافرين من قبلهم ،فلا يتّعظون ولا يخافون ولا يأخذون العبرة من هذا الماضي لحساب الحاضر ،وهي حال الناس الذين لا يدرسون الأمور بالعمق الذي يربطهم بحقيقة الحياة الحاسمة ،بل من موقع اللحظة الحاضرة التي تتحرك فيها الشهوة والمصلحة والعوامل الذاتية ،ما يجعلهم يختارون لأنفسهم المصير الذي لا ينسجم مع مصلحتهم الحقيقية ،ولا يلتفتون إلى أن الله يملك العقاب كله ،والثواب كله ،ويرجع إليه أمر المصير الذي يلتقي فيه كل الناس ،الأمر الذي يفرض عليهم أن يرجعوا إليه ويرتبطوا بخط طاعته ،إذا أرادوا لأنفسهم الخير والنجاح .
{وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِّلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ} لأنفسهم بالمعصية فيعفو عنهم ،إذا عرف منهم صدق النية في التوبة ،والإخلاص في الموقف ،{وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ} للمتمردين والعاصين والمعاندين الذين يصرّون على الكفر والمعصية .وربما كان المراد من المغفرة هنا ،إمهال الله لعباده العصاة ،أو الكَفَرة ،وعدم تعجيل العقوبة لهم ،باعتبار أن الآية تتعرض لحالةٍ واحدةٍ تتعلق بالكافرين ،ولا تتحدث عن صفات الله في المطلق ،وهذا احتمال قريبٌ ،لولا أن الأسلوب القرآني قد درج في أكثر موارده على هذا النوع من الحديث عن الله بشكلٍ عام ،في نطاق الأمور الجزئية دون الارتباط بالحالة الخاصة .