{الأغْلالُ}: جمع غلّ ،وهو قيد تشدّ به اليد إلى العنق .
الكافرون ينكرون بعثهم خلقاً جديداً
{وَإِن تَعْجَبْ} من شيء يثير الدهشة في نفسك ،لأنه لا ينطلق من منطلق معقول ،{فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ} هؤلاء الذين ينكرون المعاد ،وهم يؤمنون بالله الخالق للإنسان ،القادر على كل شيء ،بما يرددونه من حديث الكفر:{أَءِذا كُنَّا تُرَابًا} بعد أن تفنى أجسادنا وتتحول إلى تراب ،{أَئِنّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ} نعود فيه إلى الحياة أجساماً تتحرك ،وروحاً تحس وتفكر .وكيف يمكن للجماد أن يتحول إلى حياة ،وكيف يعقل للتراب أن يصير روحاً وحركة وشعوراً ؟أما وجه العجب في ما يقولونه ،فهو أن الإيمان بالله الذي خلق الإنسان ،يفرض الإيمان بقدرته على إعادته ،لأن جانب الإيجاد أكثر صعوبةً من جانب الإعادة .إنه الكفر الذي لا ينطلق من العقل ،بل من الإلفة والعادة التي تجعل الإنسان ينكر ما يخرج عن المألوف لديه ،وإن كان قريباً لحسابات عقله ،{أُوْلَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ} دون حجّةٍ أو برهان ،{وَأُوْلَئِكَ الأَغْلالُ في أَعْنَاقِهِمْ} جزاءً لهم على الكفر الذي ينطلق من حالة عنادٍ لا من حالة فكر ،{وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدونَ} لأن الله قد جعلها للجاحدين به وباليوم الآخر ،وللمنحرفين في الحياة عن خطّ هداه ،الأمر الذي أبعدهم عن رحمة الله ،عندما انفصلوا عنه في حركة المسؤولية أمامه ،فلا مجال لهم للحصول على نتائج رحمته ،بدخول جنته والابتعاد عن ناره .