قوله: ( ولا تشتروا بعهد الله ثمنا قليلا ) ،أي: لا تنقضوا عهودكم وعقودكم التي عاقدتم عليها لتبتغوا بنقضها عرضا قليلا من أعراض الدنيا بسفاسفها الخسيسة ،وحطامها الحقير الداثر ،ولعاعاتها المهينة الفانية .لا جرم أن الدنيا بأموالها وزخارفها ومباهجها ومظاهرها وزينتها اللامعة ليست إلا المتاع القليل ،وكفى دليلا على قلة الدنيا وهوانها أن المرء فيها ما يلبث أن يأتي عليه الردى والمنون ليمضي إلى ظلمة القبر راغما مقهورا .
قوله: ( إنما عند الله هو خير لكم ) ،ما أعده الله لكم من حسن الجزاء وعظيم الثواب على الوفاء بما عاهدتم الله عليه لهو أنفع لكم وأدوم .فجزاء الأوفياء الصادقين الجنة ،وهي نعيمها كريم ودائم لا ينقطع .( إن كنتم تعلمون ) ،أي: تعلمون البون الهائل الشاسع بين العوضين .العوض الذي أعده الله للأوفياء الصادقين الذين يرعون العهود والمواثيق .فجزاؤهم بذلك الرضوان من الله والجنة .والعوض المهين ،أو الثمن القليل الذي يتلقاه الغادرون المخادعون في مقابلة نقضهم لما عاهدوا الله عليه وانحيازهم إلى صفوف المشركين الظالمين .