قوله تعالى:{وأحيط بثمره فأصبح يقلب كفيه على ما أنفق فيها وهي خاوية على عروشها ويقول يا ليتني لم أشرك بربي أحدا ( 42 ) ولم تكن له فئة ينصرونه من دون الله وما كان منتصرا ( 43 ) هنالك الولاية لله الحق هو خير ثوابا وخير عقبا ( 44 )} .
معنى ( وأحيط بثمره ): أهلك كل ماله ؛فقد تحقق بذلك ما أنذره به صاحبه المؤمن .وأصل العبارة من الإحاطة .نقول: أحاط به العدو ؛أي استولى عليه وتمكن منه فأهلكه إهلاكا .وهنا قد أحاط بجنته الإهلاك والتدمير فتبددت وأتى عليها الخراب ( فأصبح يقلب كفيه على ما أنفق فيها ) أصبح المكذب المغرور يضرب إحدى كفيه على الأخرى لشدة ما أصابه من الندم والتحسر .وتقليب الكفين حين الخسران والمصاب الجلل كناية عن الندم البالغ ؛فإن من عظمت حسرته يصفق إحدى يديه على الأخرى . وإنما يفعل ذلك ندامة على ما أنفق في عمارة جنته ثم صار كل ذلك إلى الخراب .
قوله: ( وهي خاوية على عروشها ) أي ساقطة على عروشها وخاوية بمعنى خالية .وقيل: ساقطة ؛أي فهي ساقطة على عروشها{[2823]} .ويمكن أن يكون المراد بالعروش عروش الكروم ؛فهذه العروش قد سقطت ثم سقطت الجدران عليها .ويمكن أن يراد من العروش: السقوف وهي قد سقطت على الجدران .
قوله: ( ويقول يا ليتني لم أشرك بربي أحدا ) ليتني أيقنت أن الله حق وأنه وحده الخالق المعبود فلم أتخذ معه إلها آخر .وذلك بعد أن تذكر ما وعظه به صاحبه المؤمن فأدرك أن الله أهلك جنته وابتلاه هذا البلاء بسبب جحوده وغروره وعصيانه ؛فقد ندم مثل هذا الندم الشديد حين لم تنفعه الحسرة ولم يجده التمني والندم .