قوله تعالى:{ويوم نسير الجبال وترى الأرض بارزة وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا ( 47 ) وعرضوا على ربك صفا لقد جئتمونا كما خلقناكم أول مرة بل زعمتم ألن نجعل لكم موعدا ( 48 ) ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون يا ويلتنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا ( 49 )} ( يوم ) ،منصوب بفعل مقدر ،وتقديره: اذكر يوم{[2827]} .
وتسير الجبال ،يعني إذهابها وإزالتها عن وجه الأرض بأن تصبح هباء مبثوثا متطايرا في أرجاء الفضاء الواسع .
قوله: ( وترى الأرض بارزة ) أي ظاهرة ماثلة لا يسترها شيء من جبال أو أشجار أو عمران ،تمشيا مع حدث القيامة الجلل ،الحدث المزلزل الفظيع الذي يتغير فيه وجه الكون وتتبدل فيه صورة السماوات والأرض مما يزيد من هول المنظر المرعب في هذا اليوم العصيب حيث الخوف والندم والإياس والاستحسار .
قوله: ( وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا ) ( نغادر ) ،نترك ،ومنه الغدير ؛فهو القطعة من الماء يغادرها السيل .وأغدره بمعنى تركه{[2828]} ،فالله جل وعلا يجمع الناس يوم القيامة في أرض المحشر ليلاقوا الحساب ،دون أن يترك منهم أحدا ؛بل الله جامعهم جميعا سواء فيهم الكبراء والأمراء والزعماء وأولوا الجاه والطول ،أو المرؤوسون والعالة والأراذل والمستضعفون ،كل أولئك مجموعون يوم القيامة للحشر الذي تغيب فيه الجاهات والزعامات والاعتبارات الزائفة الكاذبة والموهومة .