قوله تعالى:{أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد م عقلوه وهم يعلمون} الطمع هو نزوع النفس إلى الشيء ؛رغبة فيه وشهوة له .
{أفتطعمون} جملة فعلية تتألف من فعل وفاعل"واو الجماعة "والهمزة للاستفهام وهو هنا إنكاري ،والآية تيئيس للمسلمين أتباع الرسول محمد ( صلى الله عليه وسلم ) من إيمان يهود .أي هل ترجون أن يؤمن لكم هؤلاء اليهود فيصدقوا نبيكم وكتابكم مع أن آباءهم كانوا أشرار غلاظا يسمعون التوراة كتابهم ،ثم يتأولونها على غير معناها الصحيح ؟كل ذلك وهم يعلمون في قرارة نفوسهم أنهم كاذبون ،وأن تأويلهم للتوراة كان على الوجه المحرف الفاسد .ذلك إيحاء مكشوف لأتباع ملة الإسلام بأن هؤلاء اليهود لا خير فيهم ،وأنهم لا رجاء ولا أمل في إيمانهم وعودهم إلى الحق والرشاد ،فمثل هذا العود يستلزم نفوسا كريمة خالية من الشذوذ والعطب ،أو طبائع تنطوي على فطرة نقية سليمة غير شوهاء ،وأنّى لهؤلاء القوم المتمردين الفساق أن يكونوا على هذه الخلقة من سلامة النفس والطبع والفطرة ؟أنّى لهم ذلك وهم الذين قرأوا التوراة كتابهم المقدس ،ووعوه على حقيقته ثم انفتلوا يحرفونه تحريفا ويزيفونه تزييفا ؟وليس ذلك على سبيل الجهل أو سوء الدراية ،ولكنه العمد المقصود الذي تحرض عليه النفس الخربة الكزة .كل ذلك التحريف والتزييف مقصود لا يحفز إليه إلا الرغبة المجردة في الشر والنكوص الجانح صوب الخطيئة والإثم .
{وهم يعلمون} تعلم يهود أنهم قد نبذوا كلام الله التوراة بعد ما درسوه ووعوه وعقلوه .