انتقل الكلام هنا من مخاطبة اليهود في شأن أجدادهم إلى الحديث مع المسلمين ،فقد كان النبي شديد الحرص على دخول اليهود في الإسلام ،لأن أصل الدينين واحد من حيث التوحيد والتصديق بالبعث ،فافتتح الكلام بهذه الجملة الاستفهامية: أفتطمعون أن يؤمنوا لكم ..؟أبعد كل ما قصصناه ،يطمع طامع في إيمان هؤلاء القوم ،وهم الوارثون لذلك التاريخ الملوث ؟
ثم يقص علينا من مساوىء أفعال اليهود وأقاويلهم في زمان البعثة زهاء عشرين سبباً ،لا تبقي مطمعاً لطامع في إيمانهم .
وهو لا يدع زعماً من مزاعمهم ،الا قفى عليه بالرد والتفنيد .
وقد بدأ هذا الوصف بتقسيمهم فريقين:
علماء يحرّفون كلام الله ،ويتواصون بكتمان ما عندهم من العلم ،لئلا يكون حجة عليهم .
وجهلاء أميين ،هم ضحايا التلبيس الذي يأتيه علماؤهم .
فمن ذا الذي يطمع في صلاح أمة جاهلها مضلَّل باسم الدين ،وعالمها مضلِّل يكتب من عنده ،ويقول هذا من عند الله !
لذلك ينبهنا الله إلى أنه: ما كان ينبغي لكم أيها المؤمنون أن تطمعوا في أن يؤمن اليهود بدينكم ،وقد اجتمعت في مختلف فرقهم أشتات الرذائل .إن أحبارهم يسمعون كلام الله ،ويفهمونه ،ثم يحرّفونه عمداً .