قوله تعالى:{وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلا بعضهم إلى بعض قالوا أتحدثونهم بما فتح الله عليكم ليحاجوكم به عند ربكم أفل تعقلون .أو لا يعلمون أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون} هذه الآية في منافقي اليهود ،أولئك الذين آمنوا للمسلمين في الظاهر ،لكنهم في بواطنهم يخفون الكفر .كان هؤلاء المنافقون من اليهود إذا لقي أحدهم مسلما تظاهر له بالإيمان وحدثه بصدق نبوة الرسول محمد ( صلى الله عليه وسلم ) وأن خبره قد ورد في التوراة من قبل أن يولد أو يبعث .لكن هؤلاء النفر من يهود كانوا إذا رجعوا إلى قومهم من بني إسرائيل لاموا قبلهم لوما مقرعا شديدا ؛لأنهم حدثوا المسلمين بما أطلعهم الله عليه .وذلك قوله سبحانه:{وإذا خلا بعضهم إلى بعض قالوا أتحدثونهم بما فتح الله عليكم} الفتح معناه القضاء والحكم .أي كيف تحدثون المسلمين بما حكم الله لكم من خبر نبوة محمد الذي ورد في التوراة{ليحاجوكم به عند ربكم} أي ليكون في ذلك حجة لهم عليكم ،وهو أنكم كنتم قد وقفتم على صدق نبوة صاحبهم من قبل ،ثم انقلبتم بعد ذلك مكذبين .وقيل: ليحاجوكم أي لعيروكم بأنهم خير منكم لما أطلعتموهم عليه من خبر التوراة في صدق رسالة محمد ( صلى الله عليه وسلم ) .قالوا لهم ذلك في تقريع وتوبيخ شديدين{أفلا تعقلون} أليس فيكم عقل يبصركم بعاقبة ما أقدمتم عليه من إخبار لهؤلاء المسلمين عن حقيقة أمرهم ودينهم في التوراة ؟