قوله:{أولا يعلمون أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون} الله عليم بحال هؤلاء الكذبة المنافقين وهو سبحانه يوبخهم هنا توبيخا{أولا يعلمون أن الله ...} ألا يعمل هؤلاء أن الله عليم بأستارهم وأخبارهم ،ومطلع على ما تطويه صدورهم من أسرار وخبايا ،وما تبديه جوارحهم من ظاهر القول أو الفعل .أما قوله:{ما يسرون} أي ما تمالأوا عليه من الكفر وما تلاقوا عليه من الجحود للإسلام ،وذلك عند تلاقيهم فيما بينهم ،وهم إذ ذاك يتكاشفون معا ليأتمروا بالنبي والمسلمين وهذا الدين فيتفقوا على محاربتهم والقضاء عليهم إن تمكنوا .{وما يعلنون} أي ما أظهروه لبعض المسلمين من تصديق مصطنع خادع للإسلام ونبيه .وذلك إعلان منهم قد ينطلي على المسلمين أو بعضهم لتوهيمهم أن هؤلاء مؤمنون مخلصون ،والله يعلم أنهم كاذبون شرار تنثني صدورهم على الضغينة والحقد ،ويتربصون بالإسلام وأهله دوائر الهلكة والسوء ،والله تبارك وتعال هو الحافظ لهذا الدين بتمكينه في الأرض وفي نفوس العباد حتى إذا اعترته فترة من ضعف أو هزة جاءته أجند أخرى جديدة من عباد الله المؤمنين المخلصين الذين يظلون ينافحون عن هذا الدين ويجاهدون فيه حق جهاده مهما تعاظمت الخطوب واشتدت الأهوال إلى أن يكتب الله النصر في هذه الدنيا أو الشهادة في سبيله وهي من خير ما يرتجيه المؤمن الصابر المجاهد .