نفاق بني إسرائيل:
يمكن للبعض أن يدخل في الإيمان ظاهراً من أجل التوصل إلى مكاسب ذاتية أو تحقيق مخططات تخريبية ضدّ الإسلام والمسلمين ،وقد يدفعه ذلك إلى إبراز ما تشتمل عليه التوراة من دلائل وبراهين على صدق النبيّ في رسالته للتدليل بذلك على إخلاصه للإسلام ،حتى إذا خلا بعضهم إلى بعض ،وأفاضوا في الحديث عمّا قالوه للمسلمين وما قاله المسلمون لهم في نطاق الخطط المرسومة لديهم ،وقف أصحابهم للتنديد بهم على هذا الاسترسال في الحديث بما فتح اللّه عليهم من التوراة ،لأنَّ ذلك سيكون حجةً للمسلمين عليهم أمام اللّه يوم القيامة ،انطلاقاً من إقرارهم بأحقية الإسلام ،وذلك خلاف الحكمة والعقل .ولكنَّ اللّه يواجههم بسذاجة تفكيرهم في ما يخافونه من الاحتجاج عليهم بذلك ،لأنهم إذا كانوا يؤمنون باللّه ،فينبغي أن يدفعهم إيمانهم إلى الشعور بأنَّ اللّه مطّلع على سرّهم وعلانيتهم ،فلا يحتاج إلى إقرارهم ليقيم الحجّة عليهم .
{ وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ ءَامَنُواْ قَالُواْ ءَامَنَّا}بما جاء به النبيّ محمَّد ( صلى الله عليه وسلم ) ،لأننا نجد صدقه في ما لدينا من التوراة التي بشرت به ،كما نجد فيها الكثير من تفاصيل الشريعة الإسلامية التي تلتقي مع الكثير من أحكام شريعتنا ،ولذلك فإننا لا نجد أي مبرر لإنكار الإسلام ،{ وَإِذَا خَلاَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ}وتحادثوا بما قالوه للمسلمين من حقائق الإسلام في حقائق التوراة ،{ قَالُواْ أَتُحَدِّثُونَهُم بِمَا فَتَحَ اللّه عَلَيْكُمْ}من العلم الذي يمكن أن يكون حجةً عليكم ،إذا انفتح الصراع بينكم وبينهم في ساحاته ،كما يكون حجة لهم عليكم عند ربكم ،من خلال إقراركم بأنهم على الحقّ ،على أساس ما تملكونه من حقائق التوراة المصدِّقة لما يدعون إليه أو يؤمنون به ..{ لِيُحَآجُّوكُم بِهِ عِندَ رَبِّكُمْ} إذا لم تلتزموا الدِّين الذي يلتزمونه ،بعد إقراركم به ؛{ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ}وتفكرون بالنتائج السلبية التي تحصل لكم من ذلك كلّه .