قوله تعالى: ( من كان يظن أن لن ينصره الله في الدنيا والآخرة فليمدد بسبب إلى السماء ثم ليقطع فلينظر هل يذهبن كيده ما يغيظ ( 15 ) وكذلك أنزلناه آيات بينات وأن الله يهدي من يريد ( 16 ) ) الضمير في ( ينصره ) عائد على محمد ( ص ) .والسبب ،معناه الحبل أو ما يتوصل به إلى الشيء .والمعنى: من كان يظن أن الله لن ينصر رسوله محمدا ( ص ) فليبتغ حيلة تدفع عنه النصر .وهي أن يمد إلى السماء حبلا فيتشبث به ،ثم ليقطع حبله فيرى هل تذهبن حيلته هذه ما يعتور قلبه من التغيظ من نصر الله رسوله ( ص ) ،والمراد: أنه إذا لم يتهيأ له الكيد والحيلة بفعل ما يقطع النصر عن النبي فإنه لا يبلغ إلى قطع النصر عنه ؛لأن الله ناصره لا محالة .ولا يخفى ما في ذلك من بالغ التهكم اللاذع بالمجرمين الحاقدين الذين تتغيظ قلوبهم حسدا وحقدا بنصر الله لرسول الأمين .وبعبارة أخرى: من كان يظن أن الله غير ناصر رسوله محمدا ( ص ) وكتابه ودينه ؛فليذهب فليقتل نفسه إن كان ذلك يغيظه ؛فإن الله ناصره لا محالة .وقال ابن عباس في تأويل الآية: من كان يظن أن لن ينصر الله محمدا ( ص ) في الدنيا والآخرة فليمدد بسبب ؛أي بحبل إلى سماء بيته ( ثم ليقطع ) أي ثم ليختنق به .
وقال صاحب الكشاف: والمعنى أن الله ناصر رسوله في الدنيا والآخرة .فمن كان يظن من حاسديه وأعاديه أن الله يفعل خلاف ذلك ويطمع فيه ويغيظه أن يظفر بمطلوبه ؛فليستقص وسعه وليستفرغ مجهوده في إزالة ما يغيظه بان يفعل ما يفعل من بلغ من الغيظ كل مبلغ حتى مد حبلا إلى سماء بيته فاختنق ،فلينظر وليصور في نفسه أنه إن فعل ذلك هل يذهب نصر الله الذي يغيظه .وسمي فعله كيدا ؛لأنه وضعه موضع الكيد حيث لم يقدر على غيره .أو على سبيل الاستهزاء ؛لأنه لم يكد محسوده إنما كاد به نفسه .والمراد ليس في يده إلا ما ليس بمذهب لما يغيظه .