{مَن كَانَ يَظُنُّ أَن لَّن يَنصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاء ثُمَّ لِيَقْطَعْ فَلْيَنظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ ( 15 ) وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَأَنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يُرِيدُ ( 16 )} .
التفسير:
15 - مَن كَانَ يَظُنُّ أَن لَّن يَنصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاء ثُمَّ لِيَقْطَعْ فَلْيَنظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ .
بسبب: بحبل .
إلى السماء: إلى سقف بيته ،وكل ما علاك سماء .
ثم ليقطع: ثم ليختنق ،من قطع ،بمعنى اختنق – كذا فسره ابن عباس – ولعلهم أطلقوا القطع عليه لما فيه من قطع النفس ،وهذا كقولهم في المثل العامي: ( اشرب البحر ) للدلالة على عدم الفائدة من الفعل .
فلينظر: فليقدر في نفسه النظر .
كيده: فعله .
ما يغيظ: أي غيظه ،والمعنى: هل يذهبن كيده في عدم نصرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم غيظه ،أي: فليختنق غيظا منها فلا بد منها .
أي: من كان يظن أن الله لن ينصر محمدا صلى الله عليه وآله وسلم في الدنيا والآخرة ،أو لن ينصر دينه وكتابه ورسالته ورسوله ،فليذهب فليقتل نفسه ،إن كان ذلك غائظه فإن الله ناصره لا محالة .
والمقصود: إن الله ناصر دينه وكتابه ورسوله لا محالة ،فليفعل أهل الغيظ ما شاءوا .
وفي معنى هذه الآية يقول الله تعالى: إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ * يَوْمَ لَا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ .( غافر: 51 ،52 ) .
قال في التفسير الوسيط بإشراف الأزهر ،ما خلاصته:
إن الله ناصر رسوله ،ومن كان يغيظه هذا النصر فليبالغ في استفراغ الجهد ،فغاية أمره خيبة مساعيه ،وقد وضع مقام هذا الجزاء قوله تعالى: فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاء ثُمَّ لِيَقْطَعْ فَلْيَنظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ .لغرض التحدي والتهكم .
ومعناه: فليمدد بحبل إلى سقف بيته ثم ليختنق بهذا الحبل ،الذي وضعه غلا في عنقه ،فلينظر وليتأمل: هل يشفيه من الغيظ قتله نفسه حسرة ،على نصرة الله لرسوله ؟1ه .
فَلْيَنظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ .
قال عطاء الخراساني: فلينظر هل يشفي ذلك ،ما يجد في صدره من الغيظ .
وقال أبو جعفر النحاس:
من أحسن ما قيل في هذه الآية أن المعنى: من كان يظن أن الله لن ينصر محمدا ،وأنه يتهيأ له أن يقطع النصر الذي أوتيه ،فليطلب حيلة يصل بها إلى السماء ،ثم ليقطع النصر إن تهيأ له ذلك ،ثم لينظر هل يذهبن كيده وحيلته ما يغيظه من نصر النبي صلى الله عليه وآله وسلم ؟والفائدة في الكلام أنه إذا لم يتهيأ له الكيد والحيلة بأن يفعل مثل هذا ،لم يصل إلى قطع النصر .1ه .