/م15
التّفسير
البعث نهاية جميع الخلافات:
بما أنّ الآيات السابقة كانت تتحدّث عن ضعفاء الإيمان ،فإنّ الآيات مورد البحث ترسم لنا صورة أُخرى عن هؤلاء فتقول: ( من كان يظنّ أن لن ينصره الله في الدنيا والآخرة فليمدد بسبب إلى السّماء ثمّ ليقطع فلينظر هل يذهبن كيده ما يغيظ ) .أي من يظنّ أنّ الله لا ينصر نبيّه في الدنيا والآخرة ،وهو غارق في غضبه ،فليعمل ما يشاء ،وليشدّ هذا الشخص حبلا من سقف منزله ويعلّق نفسه حتّى ينقطع نفسه ويبلغ حافّة الموت ،فهل ينتهي غضبه ؟!
لقد اختار هذا التّفسير عدد كبير من المفسّرين ،أو ذكروه كاحتمال يستحقّ الإهتمام به{[2600]} .
الضمير في قوله سبحانه: ( لن ينصره الله ) بحسب هذا التّفسير يعود إلى النّبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) و «السّماء » تعني سقف المنزل ( لأنّ كلّ شيء فوقنا يطلق عليه سماء ) .أمّا عبارة «ليقطع » فتعني قطع النفس والوصول إلى حافّة الموت .
واحتمل البعض احتمالات أُخرى في تفسير هذه الآية لا حاجة لذكرها ،ما عدا تفسيرين منها يستحقّان الإهتمام ،وهما:
1إنّ السّماء يقصد بها السّماء الحقيقيّة ،وبناءً على هذا الرأي: فإنّ الأشخاص الذين يظنّون أنّ الله لا ينصر نبيّه ،ليذهبوا إلى السّماء وليشدّوا بها حبلا ويعلّقوا أنفسهم بينها وبين الأرض حتّى تنقطع أنفاسهم .( أو يقطعوا الحبل الذي تعلّقوا به كي يسقطوا ) ولينظروا إلى أنفسهم هل انتهى غضبهم ؟!
2إنّ عود الضمير المذكور إلى هؤلاء الأشخاص ( ليس إلى النّبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ) أي أنّ الذين يظنّون عدم نصر الله لهم ،وأنّه يقطع رزقهم ،عليهم أن يعملوا ما شاءوا ،وليذهبوا إلى السّماء ويعلّقوا أنفسهم بحبل ،ثمّ ليقطعوا هذا الحبل حتّى يقعوا على الأرض ،فهل ينهي غضبهم ؟
وجميع هذه التفاسير تركّز على ملاحظة نفسيّة تخصّ الأشخاص الحادّي المزاج .والضعيفي الإيمان الذين يصابون بالهلع ويرتكبون أعمالا جنونية كلّما بلغت اُمورهم طريقاً مسدوداً في الظاهر ،فيضربون الأبواب والحيطان تارةً ،وأُخرى يودّون أن تبتلعهم الأرض .وقد يصمّمون على الانتحار لإخماد نيران غضبهم .في وقت لا تحلّ فيه هذه الأعمال الجنونية مشاكلهم ،ولو تريّثوا قليلا ،والتزموا بالصبر وسعة الصدر ،ونهضوا بعد التوكّل على الله والاعتماد على النفس في مواجهة مشاكلهم ،لأصبح حلّها مؤكّداً .
/خ17