قوله: ( ألم تر أن الله سخر لكم ما في الأرض ) وهذه نعمة أخرى خوّل الله عباده إياها .إذ ذلّل لهم في الأرض من زروع وثمار ومعادن ومياه وغير ذلك من أصناف النعم الظاهرة والباطنة .
قوله: ( والفلك تجري في البحر بأمره ) ( الفلك ) منصوب بالعطف على ( ما ) وقيل: مرفوع على الابتداء .وما بعده خبر .وهذه كذلك نعمة مخوّلة أخرى للعباد .وهي الفلك ؛أي السفن التي تجري فوق سطح الماء جريانا سهلا ميسرا .وذلك بما بثه الله في طبيعة الماء من خصيصة مميزة تطفو بموجبها الأشياء الثقيلة على سطح الماء دون أن تغرق .
قوله: ( ويمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه ) الله بقدرته العظيمة وسلطانه المطلق أمسك السماء ،بأن جعلها على هيئتها من الثبات والصلابة ورصانة الحبك وتماسك البنيان ( أن تقع على الأرض ) أي كراهية أن تقع .أو كيلا تقع على الأرض ،فإنه لولا رعاية الله وكلاءته ورحمته لتداعي الكون كله ،وانهار الوجود برمته ،وباتت الحياة والأشياء جميعها ركاما من الحطام والفوضى لا يعلم فظاعتهما إلا الله .
قوله: ( إلا بإذنه ) أي بإرادته وتخليته . أو مشيئته يوم القيامة ؛إذ يتزلزل الكون ويتداعى نظام الوجود كله .
قوله: ( إن الله بالناس لرؤوف رحيم ) الله جل وعلا عظيم الرأفة والرحمة بعباده مع ظلمهم وشدة عصيانهم . ودليل ذلك ما خولهم إياه من نعم الدنيا ،وما سخره لهم من أشياء في الأرض وفي السماء .