قوله: ( إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا ) ( تشيع ) ،الشيوع والشيعوعة ؛أي تذيع وتظهر .أشاع الخبر أي أذاعه{[3236]} .و ( الفاحشة ) ،من الفحش وهو القول السيء .وكل شيء جاوز الحد فهو فاحش{[3237]} .ونزلت هذه الآية في قذف السيدة عائشة إلا أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب .فوجب بذلك إجراؤها على ظاهرها في العموم ؛فهي بذلك تطول كل من كان موصوفا بهذه الصفة من القذف والإرجاف وإشاعة الظنون والريب بين الناس .وعلى هذا ،فمعنى الآية: إن الذين يحبون أن تفشوا الفاحشة وهي الزنا أو مقالة السوء لتذيع وتنتشر بين المسلمين ( لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة ) وذلك تهديد للقذفة الذين يثيرون الأراجيف ومقالات السوء والفحش بين الناس ،بأن لهم العذاب في الدنيا بالحد ،وفي الآخرة يصيرون إلى عذاب النار .
قوله: ( والله يعلم وأنتم لا تعلمون ) الله يعلم كذب الأفاكين الذين يفترون الباطل على المؤمنين والمؤمنات ،وأنتم أيها الناس لا تعلمون ما يخفى عليكم مما هو مستور في بطن الغيب .وإنما عليكم أن تردوا علم ذلك كله إلى الله ؛فهو علام الغيوب .
وفي النهي عن تتبع عورات المسلمين والنبش عن أخبارهم وأستارهم ،أخرج الإمام أحمد عن ثوبان عن النبي ( ص ) قال:"لا تؤذوا عباد الله ولا تعيّروهم ولا تطلبوا عوراتهم ؛فإنه من طلب عورة أخيه المسلم طلب الله عورته حتى يفضحه في بيته "{[3238]} .