/م11
19 - إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ .
تشيع: تنتشر .
الفاحشة: الخصلة المفرطة في القبح ،وهي الزنا .
تطلق الفاحشة على كل أمر قبيح ،وأحيانا تطلق على الزنا خاصة .
ومقصود الآية: ذم من ينشر الأخبار الكاذبة ،ويذيع أنباء الزنا عن المحصنين والمحصنات من المؤمنين فهناك صنف من الناس لا يحلو له الحديث إلا في تجريح الشرفاء ولمز الغافلات المحصنات .
هذا الصنف مريض ،وربما كان فاسقا أو زانيا ويرى في سلوك كل شريف وشريفة تحديا له ،وإعلانا عن النزاهة والاستقامة في هذه الدنيا ،فهو يريد أن يستر كل خير ،وأن يذيع كل إثم ،وقد توعد الله هذا الصنف بالعذاب الأليم في الدنيا والآخرة ،وأوجب علينا أن نقفل أبواب الفتنة ،وأن نرفض كل حديث يتصل بتجريح الأعراض ،وأن نسد منافذ الشر والإثم في المجتمع ،وأن نحافظ على شبابنا وبناتنا من التيارات الغريبة ،والانحرافات الآثمة .
يقول المودودي:
والآية تنطبق كذلك على إنشاء دور للفاحشة والبغاء ،وما يرغب الناس فيها ويثير غرائزهم الدنيئة ،من القصص والروايات والأشعار والغناء والصور والألعاب والمسارح والسينما ،كما تنطبق كذلك على المجالس والنوادي والفنادق ،التي يعقد فيها الرقص والطرب ويشترك فيه الرجال والنساء ،على صورة خليعة مختلطة .
فالقرآن يصرح بأن هؤلاء جميعا من الجناة ،يجب ألا ينالوا عقابهم في الآخرة فقط بل في الدنيا كذلك ،فمن واجب كل دولة مسلمة أن تبذل جهدها في استئصال جميع هذه الوسائل والأسباب لإشاعة الفاحشة ،وتقرر أن جميع هذه الأفعال جرائم مستلزمة للعقوبة ،وتؤاخذ عليها الشرطة والمحكمة81 .
وقد روى من حديث أبي الدرداء: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: ( أيما رجل شد عضد امرئ من الناس في خصومة لا علم له بها ؛فهو في سخط الله حتى ينزع عنها ،وأيما رجل حال بشفاعته دون حد من حدود الله أن يقام ؛فقد عاند الله حقا ،وأقدم على سخطه وعليه لعنة الله تتابع إلى يوم القيامة ،وأيما رجل أشاع على رجل مسلم كلمة وهو منها برئ ،يريد أن يشينه بها في الدنيا ،كان حقا على الله تعالى أن يرميه بها في النار ) ،ثم تلا مصداقه من كتاب الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ82 .