و ( رجال ) ،فاعل يسبح .والمراد بالتسبيح الصلاة المفروضة .أي يؤدون الصلاة المفروضة في الصباح وهي صلاة الفجر .وصلاة الآصال وهي صلاة الظهر والعصر والعشاءين وهما المغرب والعشاء الآخرة .وقيل: المراد بالتسبيح: تعظيم الله وتنزيهه في ذاته وصفاته عما لا يليق .
قوله: ( لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله ) هذه الجملة في موضع رفع صفة لرجال ؛أي هؤلاء المؤمنون الأتقياء الذين يسبحون الله بالغدو والآصال سوء كان ذلك بالصلوات المفروضة أو الذكر أو التنزيه عما لا يليق- لا تشغلهم التجارة والبيع وغير ذلك من المنافع الدنيوية عن الذكر والتسبيح .وخص التجارة بالذكر ،لشديد تأثيرها في إلهاء الذهن والقلب وإشغالهما .فلا جرم أن تكون التجارة ملهاة دنيوية تستحوذ على القلب والتفكير ،فيلهو بها المرء عن واجباته مما فرض عليه ربه كذكر الله ،وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة .وهذه فرائض عظيمة تستحق من المسلم عظيم اهتمامه وبالغ حرصه فيقوم بها خير قيام ؛وإلا طغى عليه حب التجارة حيث المال والكراع واللهو والشهوات ،وفي الآخرة هوان وخسران .
قوله: ( يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار ) ( يوما ) ،مفعول للفعل ( يخافون ) والجملة ( تتقلب فيه القلوب والأبصار ) في موضع نصب صفة لقوله: ( يوما ) وذلك بيان لحال العباد يوم القيامة ؛إذ تضطرب فيه القلوب من شدة الفزع وما يجدونه من البلايا .وكذلك تتقلب الأبصار ،أي تشخص فلا تطرف .أو يصيرون عميانا{[3266]} .