قوله:{وَمَا أُوتِيتُم مِّن شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا} أي ما أُعطيتموه أيها الناس من شيء من الأموال والأولاد والجاهات والمنازل في هذه الحياة إنما هو متاع .والمتاع ،معناه المنفعة أو ما تمتعت به{[3517]}فما خولكم الله من نعم على اختلاف صورها وأجناسها إنما هي متاع الدنيا الذي تتمتعون به وهو من زينتها التي تتزينون بها ،وذلك كله لا محالة زائل ؛إذ لا بقاء له ولا ديمومة وإنما هو عارض دائر ،مثله كالسحاب أو الغمام ما يلبث أن ينقشع ويتبدد .أما الباقي المستديم فما أعده الله للمؤمنين في الآخرة من خير وجزاء لا يفنى ولا يزول وهو قوله:{وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى أَفَلا تَعْقِلُونَ} أي ما عند الله من الجزاء أحسن وأدوم ،والمراد به الجنة في الدار الآخرة .لا جرم أن الجنة بخيراتها ولذائذها وطيباتها أنفع وأطيب وأشهى .وفوق ذلك فإنها باقية مستديمة لا تتحول ولا تتبدل ولا يأتي عليها الفناء أو البِلى ،لكن الطيبات واللذات في الحياة الدنيا هينة ومحدودة ومستصغرة فضلا عن قصرها وصيرورتها إلى النهاية المحققة والفناء المحتوم .
قوله:{أفلا تعقلون} أليست لكم عقول تميزون بها بين الحق والباطل ،أو بين الحقير الفاني والعظيم الباقي ؟.