-{وما أوتيتم من شيء فمتاع الحياة الدنيا وزينتها وما عند الله خير وأبقى أفلا تعقلون} .
تأتي هذه الآية كالرد على قول المشركين:{إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا ..} .
فبين الله فيما سبق أن الإيمان سبب للأمان المادي والنفسي ،وأن الكفر والطغيان سبب في الهلاك والعذاب ،وهنا يقول القرآن: إن كل ما يناله إنسان في هذه الدنيا من مال أو جاه أو سلطان ،هو متاع قليل من متاع الدنيا محدودة الأجل .
قال تعالى:{فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل} [ التوبة: 38]
وقال تعالى:{بل تؤثرون الحياة الدنيا* والآخرة خير وأبقى} [ الأعلى: 16 ،17] .
{وما عند الله خير وأبقى أفلا تعقلون}
فالدنيا فانية والآخرة باقية ،ومتاع الدنيا قليل ،ومتاع الآخرة دائما لا يزول ،وما عند الله من ثواب وجنة ونعيم ورضوان أفضل وأبقى وأعز وأكرم ،فهلا استخدمتم عقولكم لتسارعوا إلى الإيمان فتنالوا عز الدنيا وشرف الآخرة .
وقد كثر حديث القرآن عن هذا المعنى فبين أن متاع الدنيا ظل زائل وعرض حائل ،وأن متاع الآخرة خلود في الجنة ،ومغفرة من الله ورضوان .
قال تعالى:{زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب*قل أؤنبئكم بخير من ذلكم للذين اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وأزواج مطهرة ورضوان من الله والله بصير بالعباد*الذين يقولون ربنا إننا آمنا فاغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار*الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالأسحار} [ آل عمران: 1-17] .
ويقول الشاعر:
تالله لو عاش الفتى في دهره *** ألفا من الأعوام مالك أمره .
متنعما فيها بكل نفيسة *** متلذذا فيها بنعمى حصره
لا يعتريه السُّقم فيها مرة*** كلا ولا ترد الهموم بباله
ما كان هذا كله في أن يفى*** بمبيت أول ليلة في قبره
وقال عمر بن عبد العزيز للحسن البصري: يا تقي الدين عظنا وأوجز ،قال: يا أمير المؤمنين ،صم عن الدنيا وأفطر على الموت ،وأعدّ الزاد لليلة صبحها يوم القيامة .