المفردات:
أمها: أكبرها وأعظمها ،وهي أصلها وعاصمتها ،وأم القرى: مكة ،لأنها توسطت الأرض ،أو لأنها قبلة الناس يؤمونها .
التفسير:
59-{وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولا يتلو عليهم آيتنا وما كنا مهلكي القرى إلا وأهلها ظالمون} .
الله تعالى لا يظلم الناس ،ولا يهلكهم بدون وجه حق ،قال تعالى:{إن الله لا يظلم الناس شيئا ولكن الناس أنفسهم يظلمون} [ يونس: 44] .
ومن عدالة الله تعالى ورحمته بالعباد إرسال الرسل وإنزال الكتب ،وتقديم النصيحة ،ومن شأن الرسل أن تكون في القرى الرئيسية كالعاصمة للقطر ،أو عاصمة الإقليم كالمحافظة ،أو قرية تكون أساسا وعمادا لما حولها من القرى ،مثل مكة فهي أم القرى ،أي: عاصمة الجزيرة العربية .
والمعنى: ما صح ولا استقام في حكمتنا وشرعنا أن نهلك قرية من القرى ،حتى نرسل رسولا في عاصمة هذه القرية للتبليغ والإرشاد ،والنصح والتوجيه ،وتلك مهمة الرسل ،قال تعالى:{رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزا حكيما} [ النساء: 165] .
هؤلاء الرسل يقرءون الوحي والقصص ،ويدعون الناس إلى الله تعالى ،بالترغيب والترهيب والوعد والوعيد ،وبيان منهج الله تعالى وسنته وشريعته ،وأوامره ونواهيه ،فمن أطاع الله كانت له سعادة الدارين ،ومن عصى وطغى وبغى أهلكه الله جزاء ظلمه وبغيه .
{وما كنا مهلكي القرى إلا وأهلها ظالمون}
فالله تعالى لا يهلك الناس عبثا ،ولا يعاقبهم جزافا ،وإنما يهلك من كذب الرسل ،وجحد النبوات ،وظلم وطغى وبغى ،فاستحق الهلاك بعمله وبغيه ،قال تعالى:{وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون} [ النحل: 112] .
وقد أرسل الله محمدا صلى الله عليه وسلم في مكة وهي أم القرى ،وقد كذب أهلها ،فكأن في الآية وعيدا وتهديدا لأهل مكة ،والله أعلم .