أجل ..لا يعذب الله قوماً حتى يتمّ عليهم حجّته ويرسل إليهم رسله ،وحتى بعد إتمام الحجّة ،فما لم يصدر ظلم يستوجب العذاب فإنّ الله لا يعذبهم ،وهو يراقب أعمالهم ،( وما كنا مهلكي القرى إلاّ وأهلها ظالمون ) .
والتعبير ب ( ما كنّا ) أو ( وما كان ربك ) دليل على أن سنة الله الدائمة والأبدية التي كانت ولا زالت ،هي أن لا يعذب أحداً إلاّ بعد إتمام الحجة الكافية .
والتعبير ب ( حتى يبعث في أمّها رسولا ) إشارة إلى عدم لزوم إرسال الرسل إلى جميع المدن ،بل يكفي أن يبعث في مركز كبير من مراكزها التي تنشر العلوم والأخبار رسولا يبلغهم رسالاته !لأنّ أهل تلك المناطق في ذهاب وإياب مستمر إلى المركز الرئيسي ،لحاجتهم الماسة ،وما أسرع أن ينتشر الخبر الذي يقع في المركز إلى بقية الأنحاء القريبة والبعيدة ،كما انتشرت أصداء بعثة النّبي( صلى الله عليه وآله )التي كانت في مكّةوبلغت جميع أنحاء الجزيرة العربية في فترة قصيرة !لأنّ مكّة كانت أم القرى ،وكانت مركزاً روحانياً في الحجاز ،كما كانت مركزاً تجارياً أيضاً ..فانتشرت أخبار النّبي( صلى الله عليه وآله ) ،ووصلت جميع المراكز المهمّة في ذلك الحين وفي فترة قصيرة جدّاً .
فعلى هذا تبيّن الآية حكماً كلياً وعامّاً ،وما يدّعيه بعض المفسّرين من أنّها إشارة إلى «مكّة » لا دليل عليه ،والتعبير ب ( في أمّها ) هو تعبير عام كلي أيضاً ..لأنّ كلمة «أم » تعني المركز الأصلي ،ولا يختص هذا بمكّة فحسب{[3089]} .