قوله:{وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ}{فتناّ} من الفتنة وهي الاختبار والامتحان{[3539]} ،أي ابتلينا السابقين من المؤمنين وامتحناهم بمختلف الوجوه من البلاء ،كإبراهيم الخليل ،إذ ألقاه الظالمون في النار .
وكذلك غيره من المؤمنين الذين نُشّروا بالمناشير وقطعت أطرافهم وأعضاؤهم تقطيعا وما صدهم ذلك كله عن دينهم .وقد روى البخاري عن خباب بن الأرث قال: شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة فقلنا له: ألا تستنصر لنا ؟ألا تدعو لنا ؟فقال:"قد كان من قبلكم يؤخذ الرجل فيحفر له في الأرض فيجعل فيها فيجاء بالمنشار فيوضع على رأسه نصفين ،ويمشط بأمشاط الحديد لحمهُ وعظمه فما يصرفه ذلك عن دينه .والله ليتمنّ هذا الأمر حتى يسير الراكبُ من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا اللهَ والذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون ".
قوله:{فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ}{فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ}: أي ليرين اللهُ الذين صدقوا في إيمانهم وليرين الكاذبين .وقيل: ليُظهرن الله الذين صدقوا وليُظهرن الكاذبين .وقيل: ليُميزنّ الله الصادقين من الكاذبين .والمقصود: أن الله عالم بالصادق والكاذب قبل الامتحان ،وقبل أن يخلق الصادق أو الكاذب نفسه .
وإنما المراد إظهار الصادق والكاذب في قولهما والتمييز بينهما بما يصيبهما من بلاء .