/م1
المفردات:
صدقوا: آمنوا عن عقيدة وإخلاص .
التفسير:
3-{ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين}
لقد اختبرنا الأمم قبلكم ،وكذلك الرسل والأنبياء ،واختبرنا المؤمنين والصالحين في كل أمة وجيل ،وبهذا الاختبار وذلك البلاء يظهر المؤمن الصادق الثابت في البلاء ،ويظهر الكاذب المرائي ،تلك سنة الله ،ولن تجد لسنة الله تبديلا ،فالحياة الدنيا حافلة بأنواع البلاء والامتحان ،ومنه امتحان بالشر والتعذيب والسجن والقهر والإحباط ،وامتحان بالإغراء والمال والجاه والسلطان .
قال تعالى:{ونبلوكم بالشر وللخير فتنة وإلينا ترجعون} [ الأنبياء: 35] .
وقال تعالى:{أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب} [ البقرة: 214]
وقال تعالى: ٍأم حسبتم أن تتركوا ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ..} [ التوبة: 16] .
وفي الحديث الصحيح: ( أشد الناس بلاء الأنبياء ،ثم الصالحون ،ثم الأمثل فالأمثل ،يبتلى الرجل على حسب دينه ،فإن كان في دينه صلابة زيد له في البلاء )2 .
قال ابن كثير:
{ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين}
أي: الذين صدقوا في دعوى الإيمان ،ممن هو كاذب في قوله ودعواه ،والله سبحانه وتعالى يعلم ما كان وما يكون ،وما لم يكن لو كان كيف يكون ،وهذا مجمع عليه عند أئمة السنة والجماعة ،وبهذا يقول ابن عباس وغيره في مثل قوله:{إلا لنعلم ..} إلا لنرى ،وذلك لأن الرؤية إنما تتعلق بالموجود ،والعلم أعم من الرؤية ،فإنه يتعلق بالمعدوم والموجود .اه .
إن الله تعالى يعلم أزلا كل شيء ،والله بكل شيء عليم ،لكنه لم يحاسب العباد بمقتضى علمه القديم ،بل اختبرهم وامتحنهم بألوان التكاليف ،وصنوف الاختبار ،ليكون الجزاء في الآخرة على مقتضى سلوك العبد بالشكر أو بالكفر ،ويكون الجزاء نتيجة للتجربة العملية للإنسان .
أخرج ابن أبي حاتم أن:{الم*أحسب ...} نزلت في أناس كانوا بمكة أقروا بالإسلام ،فكتب إليهم أصحاب الرسول عليه السلام بالمدينة ،ألا يقبل منهم حتى يهاجروا ،فخرجوا إلى المدينة فردّهم المشركون .