قوله: ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ) ذلك تأكيد من الله سبحانه على أنه لن يرضى عن المشركين ولن يتجاوز لهم عن إشراكهم وأنهم في الأذلين يوم القيامة حيث العذاب الأليم الخالد .
والشرك هو أعتى ضروب الخطيئات والمنكرات وأفدح ما يقارفه العبد من فوادح الذنوب ،وهو لفداحته واشتداد غضب الله من أجله فإنه لا أمل في محوه برحمة الله أو غفرانه .ويفهم من هذا النص أن المشركين خالدون في النار وأنهم لا محيد لهم من عذاب الله الواصب .
لكن مغفرة الله تصيب كل المعاصي دون الشرك .فأيما ذنب مهما كان كبيرا فإنه يظل دون فظاعة الشرك وأنه يمكن تجاوزه إذا ما خلصت النية وأقلع المسيء وأناب .
قوله: ( ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا ) .ذلك بيان مريع ومؤثر عن فداحة الشرك الذي يبغضه الله أشد البغض ،ويشدد على استبشاعه أبلغ تشديد فهو أعظم الكبائر وأفظع السقطات التي يرتكس فيها العبد ليكون في الأذلين ولينحدر بنفسه إلى أسفل سافلين .ولا يسقط في الشرك إلا من ظلم نفسه فضلّ ضلالا بعيدا .ولا جرم أن يؤول الشرك إلى الضلال البعيد وهو الذهاب بالنفس إلى سحيق المهاوي وإلى أعمق أعماق الدركات حيث العمه والتّيه .