المفردات:
ما دون ذلك: ما سوى الشرك من المعاصي .
ضلالا بعيدا: أي: بعدا عن الحق عظيما .
التفسير:
116- إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء ...الآية
سبب النزول:
في سبب نزول هذه الآية قولان:
أحدهما: أنه نزلت في حق طمعة بن أبيرق لما هرب من مكة ومات على الشرك وهذا قول الجمهور .
والثاني: أن شيخا من الأعراب جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إني منهمك في الذنوب ،إلا أني لم أشرك بالله منذ عرفته ،وإني لنادم مستغفر فما حالى فنزلت هذه الآية ...
رو ى هذا القول عن ابن عباس{[97]} .
تمهيد: الشرك بالله كبيرة وإثم وخروج عن مألوف الفطرة فقد خلق الله الإنسان بيده ،ونفخ فيه من روحه ،وفضله على كثير من خلقه ،ووضع له الدلائل والأمارات على ألوهيته ،ونادى الإنسان بقوله:
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ .( البقرة:21 ) .
وفي الحديث الصحيح:"ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ؟قلنا: بلى يا رسول الله .قال: الشرك بالله ،وعقوق الوالد ين ،وقول الزور وشهادة الزور''{[98]} .
المعنى:
إن الله لا يغفر لطعمة بن أبيرق إذا أشرك ومات على شركه بالله ،ولا لغيره من خلقه بشركهم وكفرهم{[99]} .
وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء .ويغفر ما دون الشرك بالله من الذنوب ؛إذا ندم المذنب وتاب إلى الله .وهذه الآية من أرجى آيات المغفرة في القرآن الكريم ،والمقصود من الشرك بالله: الكفر به مطلقا ،فيشمل نسبة الولد أو الصاحبة إليه وإنكار وجوده- سبحانه وتعالى- وإنما ذكر الشرك في الآية ؛لأنه كان الاعتقاد السائد في الجزيرة العربية التي نشأت فيها الدعوة الإسلامية .
وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيدًا .ومن يجعل لله في عبادته شريكا ،أو يكفر به بأي وجه فقد ذهب عن طريق الحق و زال عن قصد السبيل ذهابا بعيدا ،وزوالا شديدا ،وذلك أنه بإشراكه بالله في عبادته قد أطاع الشيطان وسلك طريقه وترك طاعة الله ومنهاج دينه فذلك هو الضلال البعيد والخسران المبين{[100]} .
وجاء في تفسير ابن كثير: روى الترمذي عن علي رضي الله عنه قال: ما في القرآن آية أحب إلي من هذه الآية إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء ...الآية{[101]} .