المفردات:
يشاقق الرسول: يخالفه فيما أمر به ،أو نهى عنه .
نوله ما تولى: حقيقة معنى نوله: نجعله واليا ،يقال: تولاه .بمعنى: تقلده واضطلع به ،وولاه غيره .جعله واليا ،ومضطلعا بالأمر
والمعنى المقصود: هو أن توفيق الله تعالى- يتخلى عنه .
التفسير:
115-وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا .
المعنى: ومن يخالف الرسول فيما أمر به عن الله تعالى أو نهى عنه ،ويتبع غير طريق المؤمنين في عقيدته أو علمه ،بأن يكفر او يترك الواجبات ،أو يفعل المنهيات- من بعدما ظهر له ما يهديه من أدلة اليقين وأحكام الدين- نتركه وما تولاه وانصرف إليه ،وقام به من الكفر والمعاصي ..فلا نلطف به لصرف قواه إليه ،وعدم مراجعته نفسه فيه ،وندخله جهنم فليخلد فيها إن كان كافرا ويعاقب فيها قدر معصيته إن كان عاصيا ..وقبحت جهنم مصيرا !
فلا ينبغي لعاقل أن يقترف من المعاصي ما يجعلها مصيرا له ومآلا .
الأحكام:
استدل الإمام الشافعي- رضي الله عنه- بهذه الآية ،على أن الإجماع من أهل الحق حجة .
جاء في تفسير روح المعاني للالوسي 5/149 .
عن المزني أنه قال:"كنت عند الشافعي يوما ،فجاءه شيخ عليه لباس صوف وبيده عصا ،فلما رآه ذا مهابة ،استوى جالسا ،وكان مستندا إلى الأسطوانة{[95]} وسوى ثيابه: فقال الشيخ: ما الحجة في دين الله تعالى ؟قال الشافعي: كتابه .قال: وماذا ؟قال سنة نبيه صلى الله عليه وسلم .قال: وماذا ؟قال: اتفاق الأمة .قال: من أين هذا الأخير ؟أهو في كتاب الله تعالى ؟فتدبر الشافعي ساعة ساكتا فقال له الشيخ: أجلتك ثلاثة أيام بلياليهن ،فإن جئت بآية ،وإلا فاعتزل الناس ..فمكث ثلاثة أيام لا يخرج .وخرج في اليوم الثالث بين الظهر والعصر ،وقد تغير لونه ،فجاءه الشيخ وسلم عليه وجلس ،وقال: حاجتي: فقال: نعم أعوذ بالله من الشيطان الرجيم .بسم الله الرحمن الرحيم .قال الله تعالى: وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى ..الآية .فدلت الآية على أن إتباع سبيل المؤمنين فيما يذهبون إليه من الأحكام فرض ؛لورود الوعيد فيمن لم يتبع سبيلهم .قال الشيخ: صدقت وقام وانصرف{[96]} .
والآية لا تفيد الخلود في النار لمن يرتكب المعاصي ،بل تفيد عقوبتهم بالصيرورة إلى النار ،وذلك لا يقتضي التأبيد ،خلافا لمن زعم ذلك من الخوارج ،حيث زعموا أن مرتكب الكبيرة كافر خالد في النار ،ويجسم دعواهم قوله تعالى: إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ...
روى الترمذي عن علي بن أبي طالب- رضي الله عنه أنه قال: ما في القرآن آية أحب إلى من هذه الآية: إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ...
وفيما يلي نص تفسيرها .