المفردات:
إن يدعون: ما ينادون ،أو ما يعبدون .
إلا إناثا: أي: معبودات كالإناث في الضعف ،وعدم القدرة على الإسعاف بالمطلوب وفيها معان أخرى ،ستأتي في الشرح بمشيئة الله .
شيطانا مريدا: الشيطان هنا: إبليس- لعنه الله- والمريد: بمعنى: التمرد على الطاعة .أو المتمرد للشر .من قولهم: شجرة مرداء .وهي التي سقط ورقها .
التفسير:
117-إن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ إِنَاثًا ...
نقل ابن جرير الطبري عدة آراء في معنى الإناث ،وقد اختصرها ابن الجوزى في زاد المسير فقال: وللمفسرين في معنى الإناث أربعة أقوال:
1- الإناث بمعنى: الأموال ؛قال الحسن: كل شيء لا روح فيه كالحجر والخشبة فهو إناث .
2- الإناث: الأوثان ،وهو قول عائشة ومجاهد .
3- أنها الملائكة ،كانوا يزعمون أنها بنات الله ،قال تعالى: وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا .( الزخرف:19 ) .
4- إن الإناث: اللات والعزى ومناة كلهن مؤنت ،روى عن الحسن قال: لم يكن حي من أحياء العرب إلا ولهم صنم يسمونه أنثى بني فلان ،فنزلت هذه الآية ،قال الزجاج: والمعنى ما يدعون إلا ما يسمونه باسم الإناث .
قال الطبري: وأولى التأويلات بالصواب قول من قال:
عنى بذلك الآلهة التي كان مشركو العرب يعبدونها من دون الله ،ويسمونها الإناث من الأسماء كاللات والعزى ونائلة ومناة وما أشبه ذلك .
وإنما قلنا ذلك أولى بتأويل الآية ؛لأن الأظهر من معاني الإناث في كلام العرب ،ما عرف بالتأنيث دون غيره ،فإذا كان ذلك كذلك فالواجب توجيه تأويله إلى الأشهر من معانيه .
وإذا كان ذلك كذلك فتأويل الآية:
إن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ إِنَاثًا .ما يدعو الذين يشاقون الرسول ،إلا ما سموه بأسماء ،الإناث كاللات والعزى وما أشبه ذلك .
وحسب هؤلاء الذين أشركوا بالله ،وعبدوا الأوثان والأصنام ،حجة عليهم في ضلالهم وكفرهم ،أنهم يعبدون إناثا ويدعونها آلهة وأربابا ،والإناث من كل شيء أخسه ،فهم يقرون للخسيس من الأشياء بالعبودية ، على علم منهم بخساسته ،ويمتنعون عن إخلاص العبودية للذي له ملك كل سيء وبيده الخلق والأمر{[102]} .
وَإِن يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطَانًا مَّرِيدًا وما يعبدون أو ما ينادون في الواقع إلا شيطانا شريرا عاتبا متمردا ،خارجا عن الطاعة ، وهو إبليس ؛فهو الذي زين لهم دعاءها وعبادتها ؛فأطاعوه ،فكانت طاعتهم له عبادة .