قوله تعالى: ( والتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا ) .
اللاتي مفردها التي واللاتي في محل رفع على الابتداء .والمقصود هنا .النساء اللواتي يقترفن الفاحشة وهي الزنا .وقد كان الحكم في بدء الإسلام أن المرأة إذا ثبت زناها بالبينة أو الإقرار حبست في بيتها فلا تخرج حتى تموت .وقوله: ( أو يجعل الله لهن سبيلا ) أي يظللن هكذا في الحكم بالحبس أو يبدل ذلك الحكم بالسبيل وهو الناسخ .وقد جاء الناسخ في سورة النور حيث يقول سبحانه وتعالى: ( الزانية والزاني فاجلدوا كل واحدة منهما مائة جلدة ) .وقد روى أحمد عن عبادة بن الصامت عن النبي ( ص ) قال:"خذوا عني خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلا ،البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام والثيب بالثيب جلد مائة والرجم "وقد ذهب جمهور الفقهاء إلى أن الثيب الزاني إنما يرجم فقط من غير جلد ذلك أن النبي ( ص ) قد رجم ماعزا والغامدية واليهوديين لمقارفتهم الزنا من غير أن يجلدهم قبل ذلك .وفي ذلك دلالة على أن الجلد غير حتم بل هو منسوخ .
وذهب آخرون إلى اجتماع الجلد مع الرجم وهو قول الحسن البصري وإسحاق وداود بن علي الظاهري .وهي إحدى الروايتين عن الحنابلة .فقد ذهب هؤلاء إلى أن الجلد ينبغي اجتماعه مع الرجم .واحتجوا بعموم قوله تعالى: ( الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ) فهذا يعم جميع الزناة .لكن السنة جاءت بالرجم في حق الثيب والتغريب في حق البكر فوجب الجمع بينهما .وقد ذكر عن علي رضي الله عنه أنه جلد شراحة الهمدانية مائة ورجمها بعد ذلك .وقال:"جلدتها بكتاب الله ورجمتها بسنة رسول الله ( ص )"{[711]} .