ثم بين تعالى بعضا من الأحكام المتعلقة بالنساء ،اثر بيان أحكام المواريث بقوله:
/ ( واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فامسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا15 ) .
( واللاتي يأتين الفاحشة ) أي الخصلة البليغة في القبح ،وهي الزنى ،حال كونهن ( من نسائكم فاستشهدوا عليهن ) أي فاطلبوا من القاذفين لهن ( أربعة منكم ) أي من المسلمين ( فان شهدوا ) عليهن بها ( فامسكوهن في البيوت ) أي احبسوهن فيها .ولا تمكنوهن من الخروج ،صونا عن التعرض بسببه للفاحشة ( حتى يتوفاهن الموت ) أي يستوفي أرواحهن .وفيه تهويل للموت وابراز له في صورة من يتولى قبض الأرواح وتوفيها .أو يتوفاهن ملائكة الموت ( أو يجعل الله لهن سبيلا ) أي يشرع لهن حكما خاصا بهن .ولعل التعبير عنه ب ( السبيل ) للايذان بكونه طريقا مسكوكا .قاله أبو السعود .
وقد بينت السنة ان الله تعالى أنجز وعده ،وجعل لهن سبيلا .وذلك فيما رواه الإمام أحمد ومسلم وأصحاب ( السنن ) عن عبادة بن الصامت قال: "ان النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أنزل الوحي كرب له وتربد وجهه .واذ سري عنه قال:خذوا عني خذوا عني ( ثلاث مرار ) قد جعل الله لهن سبيلا .الثيب بالثيب ،والبكر بالبكر .الثيب جلد مائة والرجم .والبكر جلد مائة ونفي سنة ".هذا لفظ الإمام أحمد{[1580]} وكذا رواه أبو داود الطيالسي{[1581]} ولفظه عن عبادة:( ان رسول الله صلى الله عليه وسلم ،كان إذا نزل عليه الوحي ،عرف ذلك فيه .فلما نزلت:( أو يجعل الله لمن سبيلا ) وارتفع الوحي ،قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:خذوا حذركم .قد جعل الله لهن سبيلا:البكر بالبكر مائة ونفي سنة .والثيب بالثيب جلد مائة ورجم بالحجارة ".