وقوله: ( ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا أولئك الذين لعنهم الله ومن يلعن الله فلن تجد له نصيرا أم لهم نصيب من الملك فإذا لا يؤتون الناس نقيرا ) .( الذين أوتوا نصيبا من الكتاب ) هم اليهود قد أوتوا التوراة وهم يؤمنون بالجبت والطاغوت .وفي معنى هذين الاسمين وردت أقوال كثيرة:
الأول: لعمر بن الخطاب – رضي الله عنه- قال: الجبت هو السحر ،والطاغوت معناه الشيطان .
والثاني: أن الجبت معناه الشيطان .وهو قول طائفة .
والثالث: أن الجبت معناه الأصنام .وهو قول ابن عباس .
والرابع: أن الجبت معناه الكاهن .وهو رواية عن ابن عباس .
والخامس: أن الجبت هو حيي بن أخطب .وهو قول ابن عباس .
والسادس: أن الجبت كعب بن الأشرف .وهو قول مجاهد .
والجبت في اللغة هو الصنم والكاهن والساحر والسحر والذي لا خير فيه .وكل ما عبد من دون الله تعالى مما يطغي الإنسان{[776]} وذلك هو تأويل الجامع الذي نرجه .
هؤلاء الكفرة الذين يؤمنون بالسحر والشيطان أو ما عبد من دون الله يقضون في حكم فاسد جائر بأن المشركين عبدة الأوثان يتبعون الحق ،وأن المسلمين أتباع النبي ( ص ) يتبعون الباطل وعلى ذلك فالمشركون عبدة الأوثان خير من المسلمين .وقد ورد في سبب نزول هذه الآية أن كعب بن الأشرف وهو سيد يهود المدينة قد خرج في سبعين رجلا منهم إلى مكة بعد وقعة أحد فحالفوا قريش على حرب المسلمين .فقال أبو سفيان لكعب بن الأشرف: إنك امرؤ تقرأ الكتاب وتعلم ونحن أميّون لا نعلم فأيّنا أهدى سبيلا وأقرب إلى الحق نحن أم محمد ؟فقال كعب قولة البهتان والزور: أنتم والله أهدى سبيلا مما عليه محمد{[777]} .