سقطات اليهود
المفردات:
بالجبت: الجبت:كل ما عبد من دون الله ،ويطلق أيضا على الكاهن ،و الساحر ،والسحر .
الطاغوت: الطاغوت في الأصل ،كثير الطغيان ،وطلق على كل رأس في الضلال يصرف عن طريق الخير ،ويغرى بالشر .
التفسير:
51 _ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ ...الآية .
روى ابن جرير حاتم ،عن عكرمة: أن حيى بن أخطب ،وكعب بن الأرشيف اليهودين ،خرجا إلى مكة في جماعة من اليهود؛ليحالفوا قريشا على محاربة رسول الله صلى الله عليه و سلم ،وينقضوا العهد الذي كان بينهم و بينه؛فقال لهم كفار قريش: أنتم أهل كتاب ،و أنتم أقرب إلى محمد منكم إلينا ،فلا نأمن مكرمكم؛فاسجدوا لآلهتنا ،حتى نطمئن إليكم ..ففعلوا .
فهذا إيمانهم بالجبب والطاغوت؛لأنهم سجدوا للأصنام ،و أطاعوا إبليس فيما فعلوا و قال أبو سفيان لكعب: إنك امرؤ تقرأ الكتاب ،وتعلم ،ونحن أميون لا نعلم .فأينا أهدى سبيلا: نحن أم محمد ؟فقال: ماذا يقول محمد ؟قال: يأمر بعبادة الله وحده ،وينهى عن الشرك .قال: وما دينكم ؟قالوا: نحن ولاة البيت: نسقي الحاج ،و نقرى الضيف ونفك العانى .وذكروا أفعالهم .فقال: أنتم أهدى سبيلا؛فنزلت .
وروى _من غير وجه _نحو ذلك .
وهذه الآية: تعجيب من حال أخرى من أحوال أهل الكتاب ،وتوبيخ لهم على ارتكابهم جريمة من أشنع الجرائم ،وهي سجودهم للأصنام ،وشهادتهم بأن عبدة الطاغوت أحسن دينا من أهل الإسلام .على الرغم من أنهم أهل كتاب .وأعر من غيرهم بالدين الصحيح .
و المعنى: ألم ينته علمك يا محمد _ أو كل من يستحق أن خاطب _ إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب ،ورزقوا حظا منه ،و إلى حالتهم العجيبة الداعية إلى الدهشة و العجب ،و هي أنهم _ مع كونهم أهل كتاب _ يؤمنون بالأصنام و يطيعون الشيطان ،و يقولون في شأن الذين آمنوا للذين كفروا _ من أجل مخالفتهم _ هؤلاء الكفار الجاهليون: أهدى سبيلا ،و أقوم طريقا من الذين آمنوا بمحمد ؟!
فبين بذلك مناط التعجيب من حالهم .
يا للعجب من قوم: أهل كتاب ،و إتباع رسل ،يقولون عن المؤمنين بمحمد: إن الكفار _ من مشركي مكة _ أهدى منهم سبيلا !وإنما وصفهم الله بأنهم أوتوا نصيبا من الكتاب ،ولم يصفهم بأنهم أوتوا الكتاب؛ لأن حالهم تتنافى مع الكتاب كله حيث يؤمنون ببعضه ،و يكفرون ببعضه .