ثم حكى تعالى عن اليهود نوعا آخر من المكر .وهو أنهم كانوا يفضلون عبدة الأصنام على المؤمنين ،تعصبا وعنادا ،بقوله سبحانه:
( ألم تر إلى الذين أتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا51 ) .
( ألم تر إلى الذين أتوا نصيبا من الكتاب ) أي علما بالتوراة الداعية إلى التوحيد وترجيح أهله .والكفر بالجبت والطاغوت .ووصفهم بما ذكر ،من ايتاء النصيب ،لما مر من منافاته / لما صدر عنهم من القبائح ( يؤمنون بالجبت والطاغوت ) الجبت يطلق ،لغة ،على الصنم والكاهن والساحر والسحر والذي لا خير فيه وكل ما عبد من دون الله تعالى .وكذا الطاغوت .فيطلق على الكاهن والشيطان وكل رأس ضلال والأصنام وكل ما عبد من دون الله ومردة أهل الكتاب .كما في ( القاموس ) .( ويقولون للذين كفروا ) أي أشركوا بالله ،وهم كفار مكة ،أي لأجلهم وفي حقهم ( هؤلاء ) يعنونهم ( أهدى من الذين آمنوا ) بالله وحده ( سبيلا ) أي أرشد طريقة .وايرادهم بعنوان الإيمان ليس من قبل القائلين ،بل من جهة الله تعالى ،تعريفا لهم بالوصف الجميل ،وتخطئة لمن رجح عليهم المتصفين بأقبح القبائح .