( انظر كيف يفترون على الله الكذب وكفى به اثما مبينا50 ) .
( انظر كيف يفترون على الله الكذب ) أي في تزكيتهم أنفسهم ودعواهم أنهم أبناء الله وأحباؤه ،وقولهم:( لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى ){[1890]} وقولهم:( لن تمسنا النار إلا أياما معدودة ){[1891]} واتكالهم على أعمال آبائهم الصالحة .وقد حكم الله أن أعمال الآباء لا تجزي عن الأبناء شيئا ،في قوله:( تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ){[1892]} ... الآية .
/ قال العلامة أبو السعود:( كيف ) نصب اما على التشبيه بالظرف أو بالحال .والعامل ( يفترون ) وبه تتعلق ( على ) أي:في أي حال أو على أي حال يفترون عليه تعالى الكذب .والمراد بيان شناعة تلك الحال وكمال فظاعتها .والجملة في محل النصب بعد نزع الخافض و ( النظر ) متعلق بهما .وهو تعجيب اثر تعجيب .وتنبيه على أن ما ارتكبوه متضمن لأمرين عظيمين موجبين للتعجيب:ادعائهم الاتصاف بما هم متصفون بنقيضه .وافتراؤهم على الله سبحانه .فان ادعاءهم الزكاء عنده تعالى متضمن لادعائهم قبول الله وارتضاءه اياهم .تعالى عن ذلك علوا كبيرا .ولكون هذا أشنع من الأول جرما ،وأعظم قبحا لما فيه من نسبته سبحانه وتعالى إلى ما يستحيل عليه بالكلية من قبول الكفر وارتضائه لعباده ،ومغفرة كفر الكافر وسائر معاصيه –وجه النظر إلى كيفيته تشديدا للتشنيع وتأكيدا للتعجيب .والتصريح بالكذب ،مع أن الافتراء لا يكون إلا كذبا ،للمبالغة في تقبيح حالهم ( وكفى به ) أي بافترائهم هذا من حيث هو افتراء عليه تعالى مع قطع النظر عن مقارنته لتزكية أنفسهم وسائر آثامهم العظام ( اثما مبينا ) ظاهرا بينا كونه اثما .والمعنى:كفى ذلك وحده في كونهم أشد اثما من كل كفار أثيم .أو في استحقاقهم لأشد العقوبات .