{ انظر كيف يفترون على الله الكذب} أي انظر يا أيها الرسول كيف يكذبون على الله بتزكية أنفسهم وزعمهم أنهم شعبه الخاص وأبناؤه وأحباؤه وأنه يعاملهم معاملة خاصة يخرجون فيها عن نظام سننه في سائر خلقه ، وهذا تأكيد للتعجيب من شأنهم في الآية السابقة لنعتبر به .
{ وكفى بالله مبينا} أي وكفى بهذا الضرب من آثامهم إثما بينا ظاهرا فإنه تعالى لم يعاملهم معاملة خاصة مخالفة لسنن الاجتماع البشري التي عامل بها غيرهم ولكنهم قوم مغرورون جاهلون ، وقد أطلق الإثم على الكذب خاصة ، وعلى كل ذنب ، وقال الراغب الإثم والآثام اسم للأفعال المبطئة عن الثواب ، يعني عن الخيرات التي يثاب الإنسان عليها ثم بين صدق ذلك على الخمر والميسر إذ قال تعالى:{ فيهما إثم كبير} [ البقرة:219] ولا شك أن تزكية النفس ، والغرور بالدين والجنس ، مما يبطئ عن العمل النافع الذي يثاب عليه الناس في الدنيا بالعز والسيادة ، وفي الآخرة بالحسنى وزيادة ، وتقدم في تفسير{ يسألونك عن الخمر والميسر} [ البقرة:219] أنه لا يطلق لفظ الإثم إلا على ما كان ضارا وأي ضرر أكبر من ضرر الغرور وتزكية النفس بالدعوى والتبجح كما يفعل المسلمون الآن في بعض البلاد يغشون أنفسهم بمدحها ، ويتركون الأعمال التي ترفعها أو تعليها ، وقد ترك اليهود ذلك منذ قرون ، فهم يعملون لملتهم وهم ساكتون ساكنون ، لا يدعون ولا يتبجحون ، فاعتبروا يا أيها الغافلون .