قوله تعالى:{واذكر أخا عاد إذ أنذر قومه بالأحقاف وقد خلت النذر من بين يديه ومن خلفه ألا تعبدوا إلا الله إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم 21 قالوا أجئتنا لتأفكنا عن آلهتنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين 22 قال إنما العلم عند الله وأبلغكم ما أرسلت به ولكنني أراكم قوما تجهلون 23 فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم 24 تدمر كل شيء بأمر ربها فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم كذلك نجزي القوم المجرمين} .
ذلك تأنيس من الله لرسوله صلى الله عليه وسلم بسبب تكذيب المشركين له ،فيذكّره الله بالنبيين من قبله فقد أوذوا في سبيل الله ولاقوا من قومهم المشركين الأذية والعنت .وهو كذلك تحذير من الله لهؤلاء المشركين أن يحل بهم من العقاب ما حل بمن سبقهم من الظالمين كقوم عاد ،إذ كانوا موغلين في الشرك والطغيان وكانوا أشد قوة من هؤلاء المشركين .فقال سبحانه في ذلك:{واذكرإذ أنذر قومه بالأحقاف} أي واذكر لقومك المشركين يا محمد ،أخا عاد ،وهو نبي الله هود عليه الصلاة والسلام ،وقد كان أخاهم في النسب لا في الدين{إذ أنذر قومه بالأحقاف} والأحقاف جمع حقف وهو المعوج من الرمل .أو هو الكثيب المكسّر من الرمل غير الكبير وفيه اعوجاج{[4214]} والمراد بالأحقاف: ديار عاد .واختلفوا في موضعها .فقد قيل: واد بين عمان ومهرة .وقيل: واد بحضرموت من اليمن .
والمعنى: واذكر لهؤلاء المشركين قصة عاد ليعتبروا بها فيخشوا أن يحل بهم ما حل بعاد قوم هود فينقمعوا عن كفرهم وعصيانهم .أو أن يتذكر هو في نفسه قصة أخيه هود فيهون عليه تكذيب المشركين له .قوله:{وقد خلت النذر من بين يديه ومن خلفه}{النذر} جمع نذير وهو المبلغ رسالة ربه إلى الناس ،أي وقد مضت الرسل من قبل هود ومن بعده{ألا تعبدوا إلا الله} فقد كانت وجيبة الرسل نحو قومهم أن يحذروهم أي إشراك في عبادة الله بل عليهم إخلاص العبادة لله وحده وإفراده بالإلهية والتوحيد فهو لا إله غيره ولا رب سواه .
قوله:{إني اخاف عليكم عذاب يوم عظيم} ذلك من قيل هود لقومه ،وهو: إني أخاف عليكم أيها القوم بسبب شرككم وعصيانكم أمر ربكم عذاب يوم يشتد فيه الهول وتعظم فيه البلايا والخطوب وهو يوم القيامة .