وهذا نموذجٌ إنساني من التاريخ القديم ،يتمثل بهود الذي بعثه الله بالدعوة إلى عاد ،ليدعوهم إلى توحيد الله في العقيدة والعبادة والسلوك ،فلا يتطلعون إلى غيره ،ولا يرتبطون بأحدٍ سواه ،وكانوا يملكون القوّة والشدّة التي تدفعهم إلى اتخاذ موقف الاستكبار على الحق وعلى دعاته ،فكذَّبوه وواجهوه بالجحود ،فعجّل الله لهم العذاب في الدنيا قبل الآخرة ،جزاءً بما كانوا يستكبرون في الأرض بغير الحق ،وبما كانوا يفسقون .
{وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ} وهو النبي هود ( عليه السلام ) الذي كان من هؤلاء القوم في نسبه ،{إِذْ أَنذَرَ قَوْمَهُ بِالأحْقَافِ} وهي المنطقة التي كان يسكنها قومه في جنوب الجزيرة العربية ،{وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ} فقد جاء على فترة من الرسل ،فلم يكن زمانه قريباً من زمانهم ،ولم يكن في زمانه أحدٌ منهم ،وكان أساس دعوته التوحيد الذي يختصر منهج العقيدة الفكري ،ومنهج الممارسة العملي .
{أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ اللَّهَ} وقد نلاحظ أن الدعوة إلى توحيد الله في العبادة ،تحمل إيحاءً عميقاً بأن العقيدة ليست حالةً تجريديةً في الفكر ،بل هي حالةٌ حركيةٌ في العقل وفي الحياة ،{إِنّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} أعدّه الله للجاحدين به ،والمشركين بعبادته ،في الدنيا والآخرة ،لأنكم لا تملكون حجة على عبادتكم لهذه الأصنام التي اتخذتموها آلهة تعبدونها من دون الله جهلاً .