قوله تعالى:{قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم وإن تطيعوا الله ورسوله لا يلتكم من أعمالكم شيئا إن الله غفور رحيم 14 إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون 15 قل أتعلّمون الله بدينكم والله يعلم ما في السماوات وما في الأرض والله بكل شيء عليم 16 يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا علي إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين 17 إن الله يعلم غيب السماوات والأرض والله بصير بما تعملون} .
نزلت في أعراب من نبي أسد بن خزيمة قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة في سنة جدبة وأظهروا الشهادتين ولم يكونوا مؤمنين في السر وأفسدوا طرق المدينة بالغدرات وأغلوا أسعارها وكانوا يقولون لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أتيناك بالأثقال والعيال ولم نقاتلك كما قاتلك بنو فلان ،فأعطنا من الصدقة ،وجعلوا يمنون عليه ،فأنزل الله تعالى فيهم هذه الآية{[4304]}{قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم} يعني دخلنا في الملة لحفظ الأنفس والأموال بالشهادة .أو دخلنا في السلم وتركنا المحاربة والقتال وذلك بقبولهم: لا إله إلا الله .فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوا لا إله إلا الله ،عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله "فهؤلاء الأعراب قد دخلوا في الإسلام وزعموا أنهم آمنوا ولم يتمكن الإيمان واليقين في قلوبهم ولم تترسخ العقيدة في أعماقهم .
ويستفاد من ذلك أن الإيمان أخص من الإسلام وهو الذي عليه أهل السنة .وفي الحديث الذي رواه أنس ما يؤيد ذلك وهو قوله صلى الله عليه وسلم:"الإسلام علانية والإيمان في القلب ".
قوله:{وإن تطيعوا الله ورسوله لا يلتكم من أعمالكم شيئا} إن أطعتم الله فيما أمر وانتهيتم عما نهى عنه وزجر واتبعتم رسوله وأطعتموه في أوامره ونواهيه فإنه سبحانه يجزيكم ثوابكم كاملا ولا ينقصكم منه شيئا .
قوله:{إن الله غفور رحيم} الله جل جلاله ،يعفو عن المذنبين التائبين من عباده .وهو رحيم بهم فلا يعاقبهم بعد متابهم من الذنوب .