قوله:{ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا الله ربي وربكم} ذلك إقرار خالص من عيسى عليه السلام وفي غاية الأدب والخضوع لله إذ ينفي عن نفسه دعوتهم أن يتخذوه وأمه إلهين ،فيقول ما قلت لهم إلا الذي أمرتني به من القول وهو{أن اعبدوا الله ربي وربكم} أن ،تأتي هنا مفسرة بكسر السين .والمفسر ،بالفتح هو الهاء في"به "الراجع إلى القول المأمور به .أي ما قلت لهم إلا قولا أمرتني به .وذلك القول هو أن أقول لهم:{اعبدوا الله ربي وربكم} .
قوله:{وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم} أي كنت رقيبا وشاهدا على أفعالهم وأقوالهم{ما دمت فيهم} ما في موضع نصب على الظرفية الزمانية .أي مدة دوامي فيهم .
قوله:{فلما توفتني كنت أنت الرقيب عليهم} توفيتني يعني قبضتنى بالرفع إلى السماء .يقال: توفيت المال إذا قبضته .وقيل: الوفاة في القرآن على ثلاثة أوجه: وفاة الموت وقت انقضاء الأجل .ووفاة النوم .ووفاة الرفع إلى السماء .وهو المقصود هنا .فقد رفع الله إليه عيسى ابن مريم .وهو الآن حي في السماء ولسوف ينزل إلى الأرض إيذانا بقيام الساعة فيقتل الدجال ويكسر الصليب ويدعو الناس إلى ملة الإسلام ،دين الفطرة والتوحيد .والمراد هنا .فلما قبضتني إليك بالرفع إلى السماء كنت أنت الحفيظ عليهم دوني ،لأني إنما شهدتهم وأنا بين أظهرهم .
قوله:{وأنت على كل شيء قدير} أنت تشهد على كل شيء ،لأنه لا يخفى عليك شيء .أما أنا فإنما شهدت بعض أقوالهم وأفعالهم وأنا مقيم بين أظهرهم .فأنت الشهيد لي وأنا بينهم .وأنت الشهيد عليهم بعد مفارقتي لهم .