قوله:{وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق} الجملة معطوفة على قوله:{لا يستكبرون} أي وبسبب أنهم إذا سمعوا القرآن تفيض أعينهم بالدمع .وذلك لرقة قلوبهم وشدة خوفهم من الله ومسارعتهم إلى قبول الحق إذا سمعوه .والمراد بهم الذين قالوا إنا نصارى .وهم الذين جاءوا من الحبشة إلى النبي صلى الله عليه وسلم .وكذا من كانوا على شاكلتهم من النصارى غير الضالين المشركين الذين اتخذوا المسيح إلها .فهم العابدون لله على المسيحية السليمة المبرأة من التحريف والذين يبادرون الانقياد لله والإذعان لما جاء به القرآن الحكيم .وهو تأويل{مما عرفوا من الحق} أي أن فيض دموعهم لمعرفتهم بأن الذي يتلى عليهم لهو من كتاب الله الذي أنزله على رسوله وأنه حق .وقيل: مما عندهم من عرفان بالبشارة ببعثة محمد صلى الله عليه وسلم ،والمراد بهم النجاشي وأصحابه من الموحدين العابدين لله على المسيحية الصحيحة ،وهذا ما بيناه آنفا .
قوله:{يقولون ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين} الجملة{يقولون} في محل نصب على الحال من ضمير{عرفوا} أي هؤلاء الذين تفيض أعينهم دمعا لما أيقنوا أنه حق ،يقولون يا ربنا صدقنا ما سمعنا وهو الذي أنزلته على نبيك محمد صلى الله عليه وسلم وأقررنا به أنه من عندك وأنه حق لا ريب فيه{فاكتبنا مع الشاهدين} أي اكتبنا مع أمة محمد صلى الله عليه وسلم .