قوله:{والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا} يعني الذين يقولون لنسائهم: أنتن علينا كظهور أمهاتنا{ثم يعودون لما قالوا} وقد اختلف العلماء في المراد بالعود المذكور في الآية .وثمة أقوال في ذلك .
القول الأول: المراد بالعود هو أن يعود المظاهر إلى لفظ الظهار فيكرره وهو قول أهل الظاهر .وهو غير صحيح ،لأن الله وصف الظهار بأنه منكر من القول وزور .فكيف يقال للمظاهر بمعاودة المحرم المحظور نفسه .
القول الثاني: أن يمسك المظاهر زوجته مدة بعد الظهار يكون فيها قادرا على الطلاق ،لأنه بإمساكه عن الطلاق يكون قد عاد إلى ما كان عليه قبل الظهار .
القول الثالث: أن يعود إلى الجماع أو يعزم عليه فلا تحل له حتى يكفر بهذه الكفارة .وهو قول أحمد بن حنبل .
القول الرابع: أن يعود إلى الظهار بعد تحريمه .فإذا ظاهر الرجل من امرأته فقد حرمها تحريما لا يرفعه إلا الكفارة .وهو مذهب الحنيفة ،وقال به الليث بن سعد .
قوله الخامس: أن يعزم على الإمساك بعد أن يظاهر منها .وهو قول الإمام مالك .وروي عنه أنه الوطء نفسه فإن لم يطأ لم يكن عودا .
قوله:{فتحرير رقبة} يعني على المظاهر من امرأته أن يعتق رقبة ،جزاء تلبسه بالمحظور وهو الظهار .ويشترط في الرقبة أن تكون مسلمة في قول المالكية والشافعية ،خلافا للحنيفة إذ لم يشترط إسلام الرقبة في الظهار،فالرقبة في الكفارة تجزي .
قوله:{من قبل أن يتماسا} والمراد بالتماس الجماع ،في قول الجمهور أي يكفّر المظاهر بالعتق قبل أن يجامع زوجته التي ظاهر منها .وبذلك ليس للمظاهر الوطء قبل التكفير .فإن جامع قبل أن يكفّر فقد عصى الله وكان آثما ولا يسقط عنه التكفير بالعتق .وقيل: إذا جامع قبل التكفير لزمته كفارة أخرى .وليس على ذلك دليل .
قوله:{ذلكم توعظون به} الإشارة عائدة إلى ما تبين من حكم وهو إيجاب الكفارة بسبب الظهار{توعظون به} أي تزجرون به لتنتهوا عن ارتكاب الظهار فهو منكر وزور{والله بما تعملون خبير} الله مطلع على أعمالكم وأقوالكم وما تقارفونه من محظور كالظهار فاحذروا وانتهوا .