قوله:{والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان} وهؤلاء هم القسم الثالث ممن يستحق فقراؤهم من مال الفيء وهم التابعون للمهاجرين والأنصار بإحسان إلى يوم الدين ،فهم المسلمون الذين يدخلون في الإسلام إلى يوم القيامة .وقد قيل: الناس على ثلاثة منازل: المهاجرون ،والذين تبوءوا الدار والإيمان أي الأنصار ،ثم الذين جاءوا من بعدهم .وهؤلاء قد مدحهم الله بدعائهم لإخوانهم الذين سبقوهم بالإيمان .وهو قوله:{يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان} فهم يستغفرون لأنفسهم وللسابقين من المؤمنين .قال ابن عباس: أمر الله بالاستغفار لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ،وهو يعلم أنهم سيفتنون .وقالت عائشة ( رضي الله عنها ): أمرتم بالاستغفار لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فسببتموهم .سمعت نبيكم صلى الله عليه وسلم يقول:"لاتذهب هذه الأمة حتى يعلن آخرها أولها ".
وعلى هذا فإنه لا يسب الصحابة أو أحدهم إلا فاسق ضال أو كاذب مغرور ،فإن من تقوى القلوب أن تذكر محاسن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وألا يذكر ما شجر بينهم على سبيل التجريح أو التنديد أو التشهير .
قوله:{ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا} يعني طهر قلوبنا من الحقد والحسد فلا تجعل فيها بغضا أو حسدا لأحد من المؤمنين{ربنا إنك رؤوف رحيم} إنك يا ربنا شديد الرحمة بعبادك ترحم التائبين منهم والمستغفرين{[4504]} .