قوله تعالى:{ألم تر إلى الذين نافقوا يقولون إخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب لئن أخرجتم لنخرجنّ معكم ولا نطيع فيكم أحدا أبدا وإن قوتلتم لننصرنّكم والله يشهد إنهم لكاذبون 11 لئن أخرجوا لا يخرجون معهم ولئن قوتلوا لا ينصرونهم ولئن نصروهم ليولّنّ الأدبار ثم لا ينصرون 12 لأنتم أشد رهبة في صدورهم من الله ذلك بأنهم قوم لا يفقهون 13 لا يقاتلونكم جميعا إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر بأسهم بينهم شديد تحسبهم جميعا وقلوبهم شتّى ذلك بأنهم قوم لا يعقلون 14 كمثل الذين من قبلهم قريبا ذاقوا وبال أمرهم ولهم عذاب أليم 15 كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين 16 فكان عاقبتهما أنهما في النار خالدين فيها وذلك جزاؤا الظالمين} .
يبين الله في ذلك حقيقة المنافقين الكاذبين الذين يكنون في صدورهم الغيظ والكراهية للإسلام والمسلمين فهم يحرّضون الكافرين من أهل الكتب على قتال الرسول والمسلمين ،ويعدونهم بالنصرة والتأييد ويحلفون لهم أنهم لن يتخلوا عنهم إذا حوربوا ،والله يشهد إنهم لكاذبون .أولئك هم المنافقون المذبذبون الذين يتدسّسون في الظلام ليكيدوا للإسلام والمسلمين كيدا .وهم في كل الأحوال مخذولون مفضوحون ،فما يلبثون أن يظهروا وينكشفوا فيعلمهم الناس .فقال سبحانه:{ألم تر الى الذين نافقوا يقولون لإخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب} يبين الله لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم أن المنافقين وفي طليعتهم عبد الله بن أبي ابن سلول - بعثوا ليهود بني النضير حين نزل بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم لقتالهم - أن اثبتوا لقتال محمد والمسلمين فإنا مؤيدوكم وناصروكم ولن نتخلى عنكم .فلئن قاتلكم المسلمون قاتلنا معكم ولئن أخرجوكم فإنا خارجون معكم .فاغترّ اليهود بهذا القول من المنافقين وانتظروا منهم أن يعينوهم ويقاتلوا معهم لكنهم لم يجدوا منهم شيئا وقد قذف الله في قلوبهم الرعب فتولوا هاربين .وهو قوله:{لئن أخرجتم لنخرجنّ معكم ولا نطيع فيكم أحدا أبدا} يعني لا نطيع أحدا يسألنا أن نخذلكم ونتخلى عنكم ،ولكننا معكم في التأييد والمناصرة،{وإن قوتلتم لننصرنكم} يعني إن قاتلكم محمد والمسلمون فلسوف نكون معكم لمناصرتكم وتأييدكم.{والله يشهد إنهم لكاذبون} الله جل جلاله يشهد أن هؤلاء المنافقين كاذبون فيما وعدوا به بني النضير من العون والنصر .