قوله:{وكذلك نصرف الأيات} الكاف في اسم الإشارة ،في موضع نصب صفة للمصدر .أي نصرف الآيات مثل ذلك .وتأويل الآية أنه كما بينا لكم الآيات والحجج في السورة كتبيين وحدانية الله وتصديق رسوله وما أنزلنا عليكم من كتاب وغير ذلك من المعاني فكذلك نبين لكم الآيات والدلائل في كل ما لا تعرفونه من الحقائق والأحكام .
قوله:{وليقولوا درست} وليقولوا ،عطوف على فعل مقدر .والتقدير: نصرف الآيات لتقوم الحجة وليقولوا درست .أي ليصير عاقبة أمرهم إلى الجحود وإلى أن يقولوا:{درست} أي قرأت وتعلمت من أهل الكتاب .وهذا إخبار من الله ينبئ فيه عن المشركين أنهم كانوا يقولون عن النبي صلى الله عليه وسلم: إنما يتعلم محمد ما يأتيكم به من غيره .وقيل: درست وتعلمت من غلامين نصرانيين بمكة{[1238]} .إذ قال أهل مكة: إنما يتعلم محمد منهما .وهذه مقالة سوء وفرية فاضحة يهذي بها المشركون السفهاء هذيان الأحمق الكذاب الذي تضيق به سبل الاحتجاج ليتشبث في النهاية بأكذب ما تصطنعه حناجر السخفاء والأشقياء والمعاندين وهم يتهمون رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه يتعلم ما يقرأه على الناس من قرآن ،من أهل الكتاب .إن هذا لإفك التعساء والخراصين والمناكيد !
قوله:{ولنبينه لقوم يعلمون} اللام للتعليل .والضمير لمصدر{نصرف} فيكون المعنى: لنبين تصريفنا للآيات لقوم يتبعون الهدى إذا سمعوه ويقبلون الحق إذا تبين لهم .وقيل: الضمير للقرآن{[1239]} .