الآية التّالية تؤكّد أنّ اتخاذ القرار النهائي في اختيار طريق الحقّ أو الباطل إِنّما يرجع للناس أنفسهم ،وتقول: ( وكذلك نصرف الآيات ){[1273]} أي كذلك نبيّن الأدلة والبراهين بصور وأشكال متنوعة .
لكن جمعاً عارضوا ،وقالوادونما دليل وبرهانإِنّك تلقيت هذا من الآخرين ( أي اليهود والنصارى ): ( وليقولوا درست ){[1274]} .
إِلاّ أنّ جمعاً آخر ممن لهم الاستعداد لتقبل الحق لما لهم من بصيرة وفهم وعلم ،يرون وجه الحقيقة ويقبلونها: ( ولنبيّنه لقوم يعلمون ) .
إِنّ اتهام رسول الله( صلى الله عليه وآله وسلم ) بأنّه اقتبس تعاليمه من اليهود والنصارى قد تكررمن جانب المشركين ،وما يزال المعارضون المعاندون يتابعونهم في ذلك ،مع أنّ حياة الجزيرة العربية لم تكن فيها مدرسة ولا درس ليتعلم منها رسول الله( صلى الله عليه وآله وسلم )شيئاً ،كما أنّ رحلاته إِلى خارج الجزيرة كانت قصيرة لا تدع مجالا لمثل هذا الاحتمال ،ثمّ إِنّ معلومات اليهود والمسيحيين الذين كانوا يسكنون الحجاز كانت على درجة من التفاهة وتسطير الخرافات بحيث لا يمكنأصلامقارنتها بما في القرآن ولا بتعاليم الرّسول( صلى الله عليه وآله وسلم ) ،وسنشرح هذا الموضوعإِن شاء اللهعند تفسير الآية ( 103 ) من سورة النحل .