قوله:{وكيف أخاف ما أشركتم} استفهام إنكاري .والمعنى كيف أخاف من هذه الأصنام التي تهددونني بها فتفترون وتهرفون زورا وترخيصا أنها ستصيبني بسوء إذا لم أعبدها . ومعاذ الله أن أخاف هذه الأشباح المركومة المهينة فضلا عن عوذي بالله أن أطأطئ أمامها الرأس خضوعا أو تبجيلا .وإنما أخاف الله وحده ،فهو حقيق بالخوف البالغ من سلطانه ،وحقيق بالرهبة المطلقة من جبروته .
قوله:{ولا تخافون أنكم أشركتم بالله ما لم ينزل به عليكم سلطنا} أي كيف أخاف أنا من أصنامكم ولا تخافون أنتم من كونكم مشركين ؟فقد أشركتم بالله .أي اتخذتم مع الله آلهة كاذبة أخرى{ما لم ينزل به عليكم سلطنا} أي ما أنزل بها من حجة ولا برهان .فهي آلهة موهومة مفتراة اختلقها المشركون الظالمون لما سول لهم الشيطان فعل ذلك .
قوله:{فأي الفريقين أحق بالأمن إن كنتم تعلمون} المعنى: أي الطائفتين منا حقيق بالأمن من عذاب الله وغضبه ؟أنحن الذين آمنا بالله الخالق الموجد المبدع ،خالق كل شيء ،وخالق العالمين والأصنام ،أم أنتم المشركون التائهون السادرون في طريق الضلال والباطل ،الناكبون عن عقيدة الحق ونهج الله ؟أنتم الذين سول لكم الشيطان عبادة أوثان مهينة بلهاء لا تضر ولا تنفع .وتقدير الجواب: أن لا جرم أننا نحن خليقون بالأمن وعدم الخوف .لكنكم أنتم أحق بالخوف وعدم الأمن لشرككم وكفركم ونكولكم عن نداء الرسل فينبغي أن لا يبرحكم شبح العذاب الذي ينتظركم .وذلك إن كنتم تدركون هذه الحقيقة التي لا مراء فيها .وهو بذلك يستنهض فيهم العقل والفطرة كيما ينسلخوا من إسار الوثنية والضلال .